وهذا المذهب أدلته تناقض مذهب الفاضلين من وجوه : الأول : قصرهما الحرمة في صورة السكر ، وبهذا المكث لا يصير مسكرا عندهما جزما . الثاني : ظاهرهما أن النبيذ الحلال منحصر فيما ذكر ، والباقي داخل في الحرام الذي هو مذهب الشيعة ويظهر من أخبارهم [1] . الثالث : إذا كان حراما بمجرد ازدياد المكث ، كان حراما بالنشيش بطريق أولى ، لأنه لا يحصل - عادة - إلا فيما زاد المكث عما ذكر ، بل وربما كان منشأ المنع هو مظنة النشيش ، كما فهم الشهيد ( رحمه الله ) ، حيث قال في " الدروس " عند تحريم الفقاع : ( وفي رواية شاذة حل ما لم يغل ، وهي محمولة على التقية أو على ما لم يسم فقاعا كماء الزبيب قبل غليانه ، ففي رواية صفوان ، عن الصادق ( عليه السلام ) : " حل الزبيب إذا نقع غدوة وشرب بالعشي ، أو ينقع بالعشي ويشرب غدوة " [2] ) [3] انتهى . ويظهر من كلامه أن بعد النشيش يصير فقاعا ، وهو حرام بالإجماع وإن لم يسكر ، كما يظهر من فتاوي الأصحاب [4] . ولعل هذا هو السر في تخصيص الشهيد نقل الخلاف في صورة الغليان . ومما يشير إلى مسامحتهم ، جعلهم منشأ احتمال الحرمة القياس ، واستشكالهم من جهته ، مع أنه حرام بالضرورة ، مع أن السني العامل به لا يعمل بمثله ، لعدم ظهور الجامع بين العصير وبينهما بالخصوص ، دون ماء العسل وماء
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 25 / 288 الباب 5 من أبواب الأشربة المحرمة . [2] الكافي : 6 / 408 الحديث 7 ، وسائل الشيعة : 25 / 337 الحديث 32064 . [3] الدروس : 3 / 16 . [4] لاحظ ! مسالك الأفهام : 2 / 196 .