الخمرية ، لا يكاد يشعر به إلا الحذاق الماهرين في الفن ، ثم لا يزال يزيد شيئا فشيئا على التدريج حتى تزول الحالة الأولى بالمرة ويكمل الثانية . مع أن الثانية أيضا درجاته متفاوتة جدا كما أشرنا ، فلعل أول التغير من الحالة الأولى إلى الثانية وعروض شئ من عالمه هو بالنشيش والغليان . وبالجملة ، يحصل به أول درجة من السكر - الدرجة الضعيفة غاية الضعف - ويظهر ذلك من إكثار الشرب ، إذ المعتبر سكر كثيره لا مطلقا . فإن قلت : إذا ظهر السكر يكون خمرا لغة وعرفا ، وليس كذلك . قلت : الإنكار بحسب اللغة غير مسموع ، وكذا العرف - إن أردت عرف الجميع - كيف والراوي سأل عن أصل حرمة الخمر ، وبجواب المعصوم ( عليه السلام ) سكت ورضي ! وذكرنا عن القدماء ما ذكرنا ، ومع ذلك نقول : الرطب والعنب وأمثالهما ربما يحدث في أنفسها حموضة ما بسبب حرارة الهواء ، ومكث زائد ، وغير ذلك مما يفسدها في الجملة ، ومع ذلك لا يسمونها - بمجرد ذلك - خلا ، وليست بخل عندهم حقيقة ، بل حقيقة عندهم رطب وعنب لكن فيها حموضة ، والحموضة حالة خلية كما أن السكر حالة خمرية . والشارع جعل السكر علة للحرمة والنجاسة من دون فرق بين درجته القوية والضعيفة ، وما يعرفه أهل الفن - أو الكل - يتحصل ، وذلك من مجرد شربه ، أو من الإكثار من شربه ولو غاية الإكثار يحدث في مزاج كل من يشرب أو الغالب أو بعض من يشرب ، بل ولو كان نادرا ، إذ لعل كل من يشرب مزاجه مزاج النادر ، فحرم مطلقا ، حسما لمادة الفساد ، ويظهر ذلك من ملاحظة الأخبار [1] والأحكام المتعلقة بالمسكرات كما حققناه في الرسالة [2] .