إسم الكتاب : حاشية مجمع الفائدة والبرهان ( عدد الصفحات : 885)
امتلاءا فهو سكران طافح ، فإذا كان لا يتمالك ولا يتماسك فهو ملتخ وملطخ ، وإذا كان لا يعقل من أمره شيئا ولا ينطلق لسانه فهو سكران ) [1] . وقال في باب أوائل الأشياء : ( النشو : أول السكر ) [2] . وفي " النهاية " : ( الانتشاء أول السكر ومقدماته ) [3] . وروى الكليني ، عن أبي الجارود ، عن الباقر ( عليه السلام ) : إن " ما زاد على الترك جودة فهو خمر " [4] . وفي توقيع صاحب الأمر ( عليه السلام ) : " إذا كان كثيره يسكر أو يغير ، فقليله وكثيره حرام " [5] . والظاهر منهما أن أدنى تغير من عالم السكر يكفي لكونه مسكرا . وأما الاعتبار ، فهو شاهد على ما ظهر من اللغة . ويعضد ما ذكرنا قول الأطباء : السكر هو تشويش الروح الذي في الدماغ ، وقالوا في مقدار الشرب : ما دام السرور يتزايد والذهن سليما فلا يخف من إفراط الشرب ، فيه تصريح بأن مجرد السرور كاف لتحقق السكر ، والعرف واللغة والحديث أيضا ظاهرة فيه ، ولعل سرور السكر سرور خاص ، فتدبر . فعلى هذا ، نقول : مزاج الخمر وحالتها مخالف لمزاج العنب ، ولا يصير خمرا إلا أن يتغير عن الحالة الأولى إلى الثانية ، وهذا التغير بتمامه لا يحصل دفعة ، بل يحدث شيئا فشيئا ، يحدث أولا شيئا يسيرا ضعيفا غاية الضعف من الحالة
[1] فقه اللغة وسر العربية : 276 ، مع اختلاف يسير . [2] فقه اللغة وسر العربية : 19 ، وفيه : ( النشوة ) . [3] النهاية لابن الأثير : 5 / 60 . [4] الكافي : 6 / 412 الحديث 5 . [5] الاحتجاج للطوسي : 2 / 491 ، بحار الأنوار : 76 / 167 الحديث 3 .