يحكم بالنجاسة من هذه الجهة ، كما حكموا في الفقاع وإن لم يسكر [1] . قلت : من المقرر أن الرجوع إلى العرف واللغة حيث لا يظهر اصطلاح من الشرع ، وقد ظهر ذلك من كلام الفقهاء والأخبار ، على قياس ما قلتم في اختصاص العصير بالعنبي ، وبعروض الاجتهادات والشبهات ومرور الأيام خفي على المتأخرين ، كما خفي الاختصاص على الشارح وأمثاله وعلينا ، بل مثل الوضوء والصلاة وقع النزاع في كونها حقائق شرعية أم لا ، حتى أن معظم المحققين اختاروا العدم ، فما ظنك بما نحن فيه ؟ ! مع أن الكليني والصدوقين في غاية القرب من عهد الشارع ، بل هما من المعاصرين ، ومع ذلك قلما وقع منهم اجتهادات . سلمنا عدم ثبوت الاصطلاح ، لكن الظاهر من كلامهم ومن الأخبار الدخول في حد السكر ، وما يحكم الوجدان بانتفائه هو السكر بالمعنى الذي عرفه بعض المتأخرين ، وهو : أن لا يعرف السماء من الأرض ، والطول من العرض ، لكن قصر السكر في هذا المعنى مخالف للعرف ، واللغة ، والحديث ، والاعتبار ، إذ ربما لا يختل عقل بعض المعتادين للشرب إلا شيئا يسيرا وكلماتهم مضبوطة ، وحركاتهم منتظمة ، قلما يصدر منهم شائبة اختلال ، ومع ذلك إذا صدر يقولون : هذا من سكره . وأيضا ، الخمور سكرها متفاوتة شدة وضعفا ، بل بعض الخمور الرديئة - عند الشاربين - له سكر في غاية الضعف . وقال محقق في اللغة : ( في ترتيب السكر : إذا شرب الإنسان فهو نشوان ، وإذا دب فيه الشراب فهو ثمل ، وإذا ذهب من عقله فهو سكران ، فإذا زاد منه