حرمت عليك من عصيرة الخمر ما خالطه نفس إبليس " [1] الحديث . ولا يخفى أنه ما حرم كل عصيرة ، بل ما خالطه نفس إبليس ، وهو الثلثان على ما صرح به في الخبرين السابقين ، وكذا في خبرين آخرين رواهما بعده [2] ، ويؤيده قوله : " مصه ولم يأكل " ، وأن هذه الحكاية مسوقة لما سيق تلك الحكايات له ، فتأمل . وقول الكليني : ( باب أصل تحريم الخمر ) لا شك في أن المراد منه الخمر الواقعي ، موافقا لما هو المستفاد من الروايتين ، ووافقه على ذلك الصدوق . قال في آخر " الفقيه " في باب حد شرب الخمر : ( قال أبي في رسالته إلي : إعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته النار ، أو غلى من غير أن تمسه النار فيصير أعلاه أسفله فهو خمر ، فلا يحل شربه إلى أن يذهب ثلثاه ) [3] ، ولم يذكر الصدوق حرمة العصير في " الفقيه " أصلا ، إلا في هذا الموضع بهذا العنوان . فظهر أنهم يعتقدون دخول العصير في حد الخمر بمجرد الغليان ، فلعل غيرهم من القدماء أيضا على هذه العقيدة ، وبها حكموا بالنجاسة ، لأن الخمر عند غير الصدوق نجس ، وكذا كل مسكر ، والظاهر منهم ومن النص [4] أيضا أنه يدخل في حد المسكر أيضا ، وهو أيضا عندهم نجس [5] . فإن قلت : ليس بمسكر بالوجدان ، ولا يطلق الخمر عليه عرفا ولغة حتى
[1] الكافي : 6 / 393 الحديث 2 . [2] الكافي : 6 / 394 الحديثان 3 و 4 . [3] من لا يحضره الفقيه : 4 / 40 ذيل الحديث 131 مع تباين يسير جدا . [4] لاحظ ! الكافي : 6 / 419 باب العصير . [5] لاحظ ! مختلف الشيعة : 1 / 58 .