موضع آخر يوجب هلاك الحيوان بعد مدة ، وعند الذباحين أن الودجين موضع الروح ، والروح فيهما ، وما لم يقطعا لم يتحقق التذكية والذبح ، إلا أن يكون يفعل بالحيوان ما يصير سببا لهلاكه بعد مدة . ولعل ما ذكر لا يخفى على من له أدنى اطلاع وتأمل . وأيضا ، دلالة الصحيحتين المنجبرتين بالفتاوي والشهرة ، التي كادت تكون إجماعا ، بل ربما لا يبقى تأمل في كونها إجماعا بملاحظة ما ذكرنا وسنذكر ، وأن المدار في الأعصار والأمصار على قطع الأوداج البتة ، وأن الذبح عرفا لا يتحقق إلا به ، وأصالة عدم التذكية وعدم الحلية ، وغير ذلك ، دلالتهما على اشتراط قطع الأوداج في غاية الظهور ، لأن المعصوم ( عليه السلام ) جعل فري الأوداج شرطا للحلية بصريح عبارته . وأما صحيحة الشحام ، فلا دلالة فيها على كون فري الأوداج غير شرط في الحلية - كما لا يخفى - بل أقصى ما تدل أن غير الحديد إذا كان بحيث يقطع الحلقوم ويجري الدم يكون صالحا للتذكية عند تعذر الحديد . وذكر الحلقوم مبني على أن غيره من الأوداج في غاية السهولة من الانقطاع ، وبأدنى شئ ينقطع ، بخلاف الحلقوم ، فإذا كان الشئ قاطعا للحلقوم يكون قاطعا لغيره من الأوداج بطريق أولى البتة ، ولا كذلك العكس ، إذ ربما كان الشئ يقطع غير الحلقوم منها ولا يقطع الحلقوم . وأيضا الودجان محيطان بالحلقوم والمرئ ، ولعل المرئ مؤخر عن الحلقوم ، فانقطاع الحلقوم مع عدم انقطاع غيره من الأوداج مما لا يتحقق - بحسب عادة الذباحين في الذبح - بل لا يتيسر الذبح المتعارف إلا بقطع الكل عند قطع الحلقوم ، كما أنه لا يمكن قطع الحلقوم بدون قطع الجلدة التي على الحلقوم ، واللحم