إسم الكتاب : حاشية مجمع الفائدة والبرهان ( عدد الصفحات : 885)
لا يخفى فساد ما ذكره ( رحمه الله ) ، لأن الأئمة ( عليهم السلام ) أمرونا في الأخبار المتعارضة بحسب الظاهر بمراعاة المرجحات ، والأخذ بالراجح وترك المرجوح ، أمرونا بمراعاة الأعدلية والأفقهية والأشهرية ، وموافقية الكتاب ، والشهرة بين الأصحاب ، ومخالفة العامة . . إلى غير ذلك [1] . وورد ما ذكرناه بأجمعه منهم ، وكثير منها ورد في كثير من الأخبار ، بل وربما ورد في الأخبار المتواترة الخارجة عن حد الإحصاء ، بل المخالفة للعامة والموافقة للكتاب ، ولم يأمروا قط بالجمع بين الأخبار ، ولا كان ذلك طريقة فقهائنا إلى آخر زمان الشيخ ، فأحدث ( رحمه الله ) هذه الطريقة ، لا لأجل الفتوى والعمل ، بل لرجوع الهرون [2] وأمثاله ، ولذا لم يكن جمعه فتواه ، إلا ما شذ ، وكان طريقة الشيخ ( رحمه الله ) مسلوكة إلى زمان المتأخرين إلى زمان الشارح ، فإنهم كانوا يرجحون بالمرجحات ويفتون بالراجح البتة ، ويجعلون المرجوح الموهوم متروكا به - كما أمرهم المعصوم ( عليه السلام ) - إلا أنهم ربما يجمعون بين المرجوح الموهوم ، والراجح - الذي هو حجة - بضرب من التوجيه ، حتى يوافق غير الحجة الحجة ، ويقولون : الجمع أولى من الطرح . وهذا أيضا لا بأس به ، كما حققنا في رسالتنا في " الجمع بين الأخبار " ، وما ذكر في غير العام والخاص والمطلق والمقيد ، وأما العام والخاص والمطلق والمقيد ، فقد ذكرنا حالها بطول وتحقيق ، وبينا أيضا وجه حجية الجمع في موضع يكون حجة ، وبينا أقسام الجمع وما هو حجة وما ليس بحجة ، من أراد الاطلاع فعليه بملاحظتها [3] .
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 27 / 106 الباب 9 من أبواب صفات القاضي . [2] كذا ، وفي تهذيب الأحكام : ( أبو الحسين الهاروني العلوي ) . تهذيب الأحكام : 1 / 2 . [3] الرسائل الأصولية : 3 - 229 .