قوله : وإن أريد ضمان قيمته حينئذ مع وجود العين والقدرة على دفعه ، فهو ممنوع ، ولا يقول به أحد ، فالأول هو الأظهر [1] ، فتأمل [2] . ربما كان الأظهر هو أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم الرد ، لأن الرد كان واجبا عليه في كل وقت وقت ، ففي وقت ارتفاع القيمة كان الواجب عليه أن يسلم هذه العين التي كان هكذا قيمتها . فحينما ظلمه وحبس حقه ولم يعطه أضره وحال بينه وبين الذي كان بهذه القيمة العالية ، وكان حقه وملكه ، بل ربما كان في الحصار ويرتفع القيمة إلى آلاف ، ولو كان عنده فيبيعه وينتفع ويحصل له أموال عظيمة فخسره ، بل ربما كان اشترى بأموال عظيمة لاحتياجه إليه له ولعياله ، بل ربما يتلف بسبب الحبس عياله وأمواله - مثل دوابه وغيرها - فهذا ضرر عظيم لا يناسب الشريعة القويمة ، العادلة المستقيمة ، التي هي في غاية المتانة والضبط والحكمة ، أن يتضرر بلا تدارك أصلا ، مع أنه لا ضرر في الإسلام . بل تتبع تضاعيف أحكام الشرع يكشف عما ذكرنا ، وأنه لا يناسب الفرقة العدلية سوى ما ذكر . هذا ، على تقدير وجود عين ماله حينما صار في غاية الارتفاع . وأما على تقدير العدم ، فلا تأمل في أنه وقت غاية الارتفاع كان عليه أن يعطي قيمته لو كان يطالبه المالك ويلازمه ويضيق عليه ، والقيمة في غاية الارتفاع ، لما ستعرف وجهه ودليله ، ومعلوم أنه واجب عليه في كل آن ودقيقة أن يسلم إلى المالك ، بلا توقف على مطالبته وتضييقه وإلزامه ، فإذا كان وقت
[1] كذا ، وفي المصدر : ( والأظهر هو الأول ) . [2] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 528 - 529 .