لا وجه للاستدلال بالروايتين [1] أصلا ، ولا للقياس بطريق أولى ، لما عرفت سابقا أنها من باب الإمتاع بخصوص المنفعة ، ولأنه ( عليه السلام ) قال : " لا بأس بالدراهم ، ولست أحب أن يكون بالسمن " . على أن ما ذكره لو تم ، لصح الاستدلال بما دل على حلية البيع وصحته ، وكذا الصلح على صحة الهبة ، بل بطريق أولى ، وفيه ما فيه ، فتأمل ! قوله : والظاهر أن لا خلاف في الغنم للحلب ، فعلم أن ليس ذلك مانعا عقلا ، وليس في الشرع أيضا مانع ، وهو ظاهر . . إلى آخره [2] . في ذلك كله تأمل ظاهر ، عرفته في بحث الإجارة . وإطلاق لفظ العارية على المنحة لا يقتضي على سبيل الحقيقة ، فإن الإطلاق أعم ، وكذا ذكرها في كتاب العارية ، إذ كثيرا ما يذكرون ما يناسب الكتاب فيه استطرادا أو مشابهة لشدة علاقة . والكل اتفقوا في تعريفها بأنها تبيح الانتفاع وأمثال هذه العبارة ، واتفقوا على أن المنفعة في مقابل العين ، كما ظهر لك في الإجارة [3] ، وربما كان المتبادر من إطلاق لفظ العارية عرفا هو ما ذكرناه ، والتبادر علامة الحقيقة . ومما دل على ما ذكرنا ، عدم تعميم أحد منهم بحيث يشمل الأشجار للثمرات والزروع والحيوانات للإنتاج ، وأمثال ذلك ، بل اقتصارهم على المنحة ليس إلا .
[1] أي : رواية الحلبي - المشار إليها في الهامش السابق - ورواية عبد الله بن سنان : مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 366 ، وسائل الشيعة : 17 / 350 الحديث 22727 . [2] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 367 . [3] راجع الصفحة : 479 من هذا الكتاب .