على كونها من العقود الجائزة ، مع أنه على فرض الشمول لا يلزم كونها عارية ، كما مر مرارا . مع أنه لم يظهر من الفقهاء أن هذا عارية ، وأنه من المسلمات عندهم ، بل ظاهر " القواعد " [1] أنه ليس كذلك ، بل الظاهر منه أنه ليس بعارية إلا أنه جائز ، وهو كذلك ، لحصول طيبة النفس من صاحب المال ، وعدم منع من الشرع ، لكن لو لم يف بإعارة الفرس عمدا ، أو من جهة العذر ، يكون عليه أجرة مثل الحمار ، لاستيفائه المنفعة بغير طيبة نفس صاحبه . مع احتمال أن يكون في صورة العمد له التسلط في أخذ الفرس عارية ، لأنه ما رضي بعارية الحمار إلا بهذا الشرط ، فتأمل . ويحتمل أيضا أن يكون في صورة العذر لا أجرة له ، لأن العارية الحقيقية لا أجرة فيها ، والذي شرط هو العارية التي تعذر تحققها ، والرجوع إلى العوض يحتاج إلى دليل ، فتأمل ! قوله : لأن العارية قد تحصل بغير اللفظ ، وهو ظاهر ، قال في " التذكرة " : ( وهي تحصل بغير عقد ، كما لو حسن ظنه بصديقه كفى في الانتفاع عن العقد ) [2] . . إلى آخره [3] . لا يخفى أنه إذا علم الرضا من الصاحب بالتصرف في ماله مجانا ، فلا شبهة في جواز التصرف ، بشرط أن تكون نفس المتصرف خالية عن الشوائب والمعائب ، إذ ربما يكون له حرص شديد ورغبة زائدة ، بأدنى شئ يجزم بأنه صاحبه راض مع أنه ليس كذلك وليس يعلم .
[1] قواعد الأحكام : 1 / 191 . [2] تذكرة الفقهاء : 2 / 211 ، مع اختلاف يسير . [3] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 348 .