العقود الجائزة إجماعا ، ووجوب القبول ينافي ذلك ، بل هو في الفروض النادرة أو الأمور العارضة ، فلا ينافي مقتضى العقد من حيث هو هو ، فالودعي من حيث هو هو متبرع . على أنه في الفروض النادرة يجوز الفسخ أيضا ، ويجب الحفظ من باب الأمانة الشرعية وبنحوها ، إلا أن الظاهر أنه لا يجوز مخالفة المالك فيما شرط عليه من كيفية الحفظ - على حسب ما ذكر في الوديعة - فالمودع متبرع مطلقا ، فتأمل جدا ! قوله : وأن التقصير موجب للضمان ، ولعل مرادهم بالتأخير . . إلى آخره [1] . ولأن المالك بعد ما طلب الوديعة لم يرض بكونها عنده ، كما هو الظاهر ، فلا يكون بعد عدم الرضا نائبا في الحفظ ، أمينا في ذلك ، بل يكون معزولا عنه ، فلا يكون يده عليها حينئذ يد أمانة . قوله : وتحقيق الأمر في ذلك ، فتذكر وتأمل [2] . والحق أن الأمر بالشئ لا يستلزم النهي عن الضد . قوله : [ التقصير مطلقا حرام ] وموجب للضمان بالإجماع ، وإذا ضمن لم يسقط بالرجوع إلى الأمانة ما لم يؤدها إلى المالك . . إلى آخره [3] . ولخروج الودعي عن الأمانة والاستئمان ، لأن يده - حينئذ - ليس اليد المأذون فيها ، وتصرفه ليس ما هو رخص فيه .
[1] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 316 . [2] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 317 ، وفيه : ( وقد مر البحث في هذه المسألة مرارا ، فتذكر وتأمل ) . [3] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 318 .