قوله : [ على ما يقتضي العرف حفظه ] مثل تلك الوديعة ، بأن يحفظ الدراهم في الصندوق . . إلى آخره [1] . لأن الوديعة استنابة في الحفظ ، فإطلاقها ينصرف إلى العرف ، فالمراد منها الحفظ على ما يعد عرفا حفظه ، كما هو الحال في موضوعات الأحكام ، والمدار على اصطلاح المتعاقدين إن لم يكن موافقا للعرف العام ، أو لم يكن فيه عرف عام . قوله : لا خفاء في أن هذا الكلام يدل على أن مجرد المخالفة ليس بسبب للضمان . . إلى آخره [2] . لا شك في أنه يدل على أن المخالفة تضر وتوجب الضمان ، إلا أن يكون محسنا ، و * ( ما على المحسنين من سبيل ) * [3] ، فإن المالك إذا قال : لا تحفظه في حرز بل اتركه في محل التضييع وبنحو لا يؤمن من التلف ولا وثوق بالحفظ ، وهو حفظه عن التلف ووضعه في حرز وضبطه أشد ضبط ، فلا شك في أنه محسن عرفا وواقعا ، وصادق أنه حفظ للمالك واستوثق له وضبط واحتاط لأجله ، ويصدق عليه أنه أمين عرفا وودعي ومستودع كذلك ، مع أنه كذلك شرعا ، لما عرفت . مع أن الذي ذكره العلامة [4] ( رحمه الله ) إنما هو في صورة يأمر المالك بحفظ ماله وحرزه وضبطه ، إلا أنه معتقد أن حفظه هكذا أولى وأصوب ، والأمين رضي بذلك من أول الأمر وعندما أخذه ووافقه في معتقده ، إلا أنه ربما تحدث أمور وأحوال يتغير بذلك الحال ، فاعتقد أن ضبطه كذا أولى وأصوب ، ولذا ضبط كذا ، وليس هذا الضبط إلا بأمر المالك ، كما لا يخفى .