قوله : ولكن العادة في مثله تقتضي العوض ، ويؤيده . . إلى آخره [1] . دعوى الكلية محل نظر ، بل العادة مختلفة بالنسبة إلى الأشخاص العاملين والجاعلين في المقامات ، فلعل مرادهم عدم الأجرة إلا في صورة ظهور الأجرة من قرينة ، إذ العادة من جملة القرائن ، والإطلاق ينصرف إليها ، وبهذا يجمع بين كلامي المصنف ، فتأمل ! قوله : فإن الجعل إنما جعل [2] للرد من بغداد ، ولا يلزم منه جعل جزء الجعل لبعض الطريق [3] ، وهو ظاهر . . إلى آخره [4] . لا يخفى أن المتعارف غرض الجاعل الحصول ، لكن لما كان اعتقاده أنه في بغداد قال ما قال ، والعامل ما خرج إلا إلى بغداد ، استحصالا لمطلوبه بعقده وعهده وعلمه بذلك ، إلا أنه اتفق وجدانه في بعض الطريق ، فالقدر من المسافة كان داخلا في العقد ، وكذا رد العبد . غاية ما في الباب ، أنه لم يتحقق بعض المسافة المعقود عليها ، بل في هذه الصورة لا يكون من جملة المعقود عليها ، لأن المعقود عليها ما هو لأجل وجدان العبد . وبالجملة ، عدم طي بعض المسافة ليس بتقصير منه ، لخروجه عن الإمكان ، ولم يصر بذلك عاملا بغير ما عقد عليه ، ولم يخرج بذلك عما وقع العقد عليه أصلا عرفا ، بل يقال عرفا : إنه أتى بالمطلوب من العقد القدر الممكن منه . وهذه الصورة أولى من صورة موت العامل بعد قدر من العمل ، واختار
[1] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 156 . [2] كذا ، وفي المصدر : ( حصل ) . [3] كذا ، وفي المصدر : ( ولا يلزم منه جعل الجزء لبعض الطريق ) . [4] مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 159 .