كذلك ، ولذا لا يبطل لو خرج بعض المبيع مستحقا للغير ، أو غير ما يصح ملكه ، وهذا وفاقي عند الفقهاء . وأما إلزام البائع بإعطاء ما بقي ، فلأن وجوب الوفاء بمجموع شئ وجوب الوفاء بجميع أجزائه ، وجعل المجموع في الذمة والعهدة جعل كل واحد واحد من الأجزاء بأجمعها ، ولذا لا يمكنه أن يقول : لا أفي بما بقي لأني ما وفيت بما ذهب ، إلا أن يكون البائع جاهلا ، فله الخيار أيضا كما أشرنا . ومما يدل على ما ذكر ، قول علي ( عليه السلام ) : " الميسور لا يسقط بالمعسور " [1] ، وقوله ( عليه السلام ) : " ما لا يدرك كله لا يترك كله " [2] ، وقول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم " [3] . ومما ذكر ظهر حال أنواع الخيارات ، مثل خيار التدليس ، فإن حاله حال خيار الغبن كما صرح به الفقهاء ، وقس على هذا ، وسيجئ زيادة كلام في ثبوت الأرش وتحقق خيار العيب ، فانتظر . فإن قلت : لم لا يلزم مما ذكرت هنا خيار تبعض الصفقة ، وفساد البيع بالنسبة إلى الجزء الذي لا يمكن ، بل لزم خيار العيب ، وصحة البيع ، ولزوم الأرش الذي هو تفاوت ما بين قيمة المبيع صحيحا ومعيبا ؟ قلت : الفائت هنا ليس إلا الصحة ، والصحة وصف لا عين ، وإن لوحظ بإزائها مال وزيادة في الثمن ، والمراد من الوصف ما لا يصح أن يصير مبيعا برأسه سواء كان صفة أو عينا ، كيد العبد مثلا ، والمراد من العين ما يصح . فإن قلت : تنتقض القاعدة بخيار الوصف .
[1] عوالي اللآلي : 4 / 58 الحديث 205 مع اختلاف يسير . [2] عوالي اللآلي : 4 / 58 الحديث 207 . [3] عوالي اللآلي : 4 / 58 الحديث 206 مع اختلاف يسير .