عليه ، وكون العوض ماله . وقد ظهر أن الأمر لم يكن كذلك ، فلا رضا ، لأن ما رضي به لم يتحقق وما تحقق لم يكن ما رضي به ، فأخذ مال الغير بغير إذنه ورضاه غصب ، بل إذا أخذ برضا بعنوان الأمانة ثم نوى أن لا يعطيه يصير ضامنا به وبأمثاله ، بل وبأدون من ذلك أيضا . والحاصل ، أن شائبة تغير ما أذن له يصير ضامنا ، فضلا عن مثل ما نحن فيه . والحاصل ، أن الأمانة عبارة عن التماس صاحب المال من الأمين أن يحفظ ماله ، والحفظ ليس إلا لمصلحة صاحب المال يسألها ويلتمسها ويجعل الأمين نائبا عن نفسه في التعب في المحافظة ، وهي إحسان من الأمين وتبرع منه ، وليس الأمانة في العرف إلا ما ذكر ، ولذا يحكم الفقهاء بالضمان في غير ذلك ، لأنه خرج من عموم الحديث [1] خصوص الأمانة الشرعية والأمانة المالكية ، وبقي الباقي ، فتأمل جدا . وسيجئ عن الشارح في آخر بحث الرهن اعترافه بما ذكرنا في الجملة ، فلاحظ ! وأما قاعدة الإقدام ، فإنه أقدم على أن يكون العوض للمشتري والثمن له ، والمشتري أقدم بالعكس ، فكيف يجمعان بين العوض والمعوض عنه جميعا ؟ ! إذ للآخر أن يقول : أعطيتني العوض على أن يكون التلف من مالك والضمان عليك ، فكيف تجعل الضمان علي وتأخذ الثمن مني ؟ رد علي ما أخذت مني وخذ مالك ، وإن لم يمكنك فعوضه ، كما مر الإشارة في البيع الفضولي ، فتأمل جدا .
[1] أي : حديث " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " ، وقد مرت الإشارة إلى مصادره آنفا .