ومن هذا يظهر وجه اشتراط كون ذلك عن تراض منكم في الرواية السابقة ، لأنه ( عليه السلام ) ما استفصل في الجواب ، فلا معارضة بين الروايتين إلا من جهة البأس في عموم المفهوم ، ولا يعارض المفهوم المنطوق ، فضلا عن عمومه ، مع إمكان حمل البأس على الكراهة وكون الأولى عدم الاكتفاء بالقهري . قوله : وصحتهما غير ظاهر ، والأصل يقتضي العدم . . إلى آخره [1] . لا يخفى أن ديدن الفقهاء العمل بمضمون هذا الخبر [2] بهذا المضمون في مواقع كثيرة ، بل كل موقع كان من قبيل ما نحن فيه عملوا به ، فمجرد الشهرة يجبر الضعف حتى عند الشارح أيضا ، فضلا عن مثل هذه الشهرة . وأما القاعدة [3] ، فمعلوم أن القابض أقدم حين القبض والأخذ على أن يكون الضمان عليه ، فالتضمين ليس من جهة العقد الفاسد - الذي هو بعينه كعدم العقد أصلا عند الشرع - بل من جهة القبض كذلك . فإن قلت : الإقدام على الضمان إنما هو من حيث اعتقاده أنه ماله ، لا مطلقا ، فبعد ما ظهر أنه ليس ماله فلا إقدام ولا رضى ، لأن ما رضي به لم يتحقق ، وما يتحقق لم يتحقق له رضى به . قلت : هذا وارد في إذن صاحب المال في أخذ ماله بل وأشد ، فإنه لم يرض بأخذ ماله والتصرف فيه وتسليط اليد عليه إلا بأن يكون مال الآخذ والضمان
[1] مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 192 . [2] أي خبر : " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " ، مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 192 ، عوالي اللآلي : 1 / 224 الحديث 106 و 389 الحديث 22 و 2 / 345 الحديث 10 و 3 / 246 الحديث 2 و 251 الحديث 3 ، مستدرك الوسائل : 17 / 88 الحديث 20819 . [3] وهي قاعدة : ( كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ) . راجع ! مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 192 .