والحاصل ، أن المتعارف في المبايعة التي فيها هذه المسامحة أن كل واحد من البائع والمشتري راض بالقيمة العادلة إذا تحققت وثبتت ، فالثمن معين واقعا ، وإذا كان في معتقد كل منهما أنه كذا ، ويكون بينهما مخالفة تكون المخالفة قليلة ، لعلها مما يتسامح به في مثل هذه المعاملة إذا كان الطرفان من أهل الخبرة ، فلا يكون غرر وسفاهة أيضا ، والبائع متوقع ، فإذا حصل توقعه تعين ، فتأمل . قوله : ما رأيت له دليلا صالحا ، وأدل ما رأيته حسنة الحلبي في " الكافي " [1] عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) . . إلى آخره [2] . يمكن أن يقال : إذا كان بناء المعاملة في شئ على الكيل أو الوزن أو العدد ، يكون بغير الكيل أو الوزن أو العد عند المتعاملين غير معلوم القدر ، ويقولون : لا نعلم قدره ، أو تخمينا قدره كذا ، إذا خمنوا كذا ، فيكون بيعه كذا غررا منهيا عنه ، لما عرفت من أن الغرر هو مجهول الحصول أو مجهول المقدار . وبالجملة ، إذا كان شئ يتفاوت مقداره زيادة ونقيصة ، ويتفاوت الثمن بتفاوت ذلك المقدار ، ونسبة الثمن بنسبة ذلك المقدار عند المتعاملين . ولذا صار المدار في الأقطار والديار [3] على اعتبار الكيل أو الوزن أو العد عند العقلاء وأهل الخبرة ، بل وعامة المعاملين . فلا بد أن يكون مقدار الثمن ومقدار المثمن معلومين حتى لا يلزم الغرر ، بخلاف مثل الفرس والجارية ، فإن تفاوت الثمن ليس بتفاوت وزنهما ، بل بأمر آخر ، وسيجئ في كتاب الإجارة زيادة توضيح منا .
[1] الكافي : 5 / 179 الحديث 4 . [2] مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 176 . [3] في ب : ( في الأعصار والأمصار ) .