لا يقاس على الآبق الضالة من البعير . . إلى آخره [1] . إعلم أن بيع الضالة عند الفقهاء صحيح البتة ، إما مطلقا أو على طريقة بيع الآبق . وجه الأول ، أن الضرر ليس إلا من جهة الغرر ، وهو مجهولية الحصول ، لعدم القدرة عليه ، والضالة بحسب العادة مقدور عليها ، وبحسب الغالب الشائع المتعارف يجدها ويأخذها بعد التفتيش والتجسس البالغ ، وعدم المسامحة والمساهلة ، بل من هذه الجهة أولى من الطير المعتاد الرجوع في حكاية القدرة على التسليم وظهور الحصول [2] . ولو سلم عدم الأولوية ، فليس بأضعف منه ، وعلى فرض تسليم الأضعفية فليست إلى حد يدخل به في مجهول الحصول كالآبق ، لأن له شعورا وتدبرا [3] وحيلة في إخفاء نفسه وإخراجها عن أن يتمكن منه ويتسلط عليه ، ولذا - بحسب العادة - ليس مقدور التسليم . ووجه الثاني ، أنها غير مقدور التسليم حين الضلال ، وغير معلوم الحصول بعده ، فهو مثل الآبق ، وإن كان القدرة على التسليم فيه أزيد وظن الحصول أقوى ، فإذا حكم الشارع في الآبق بما حكم يكون ذلك الحكم فيها بطريق أولى . ولو لم تكن هذه الأولوية لحكمنا فيها ببطلان البيع ، لعدم القدرة على التسليم وحصول الغرر ، ولذا لم نقل بالصحة في غير الآبق والضالة مما هو مجهول الحصول . واحتمل الشارح البطلان بناء على عدم الأولوية أيضا ، وفيه ما فيه ، فتأمل .
[1] مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 173 . [2] في ب : ( الحال ) . [3] في ب ، د ، ه : ( تدبيرا ) .