نام کتاب : حاشية المكاسب نویسنده : الشيخ الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 293
بل الوجه ما ذكرنا من أن المعاقدة مع الغير الذي له التزام باق في النفس لا يعقل إلا مع شعوره والتفاته فعلا إلى المعاقدة معه ، وإلا كانت معاقدة مع من هو كالجدار في أفق المعاقدة ، وإن كان حيا شاعرا في أفق آخر ، كالميت المؤمن الكامل ، فإنه وإن كان حيا شاعرا ملتفتا إلى من يتكلم معه ويلتزم له إلا أن المدار في باب المعاهدات العرفية على المعاهدة بين اثنين في هذه النشأة . ومما ذكرنا ظهر أن استمرار الأهلية بين الايجاب والقبول غير لازم ، فإن مقوم المعاهدة مع الغير التفاتهما وشعورهما حال كون كل منهما معاقدا مع الآخر ، وقد عرفت أن النوم والاغماء فضلا عن غيرهما لا يوجب زوال الالتزام ، حتى يعتبر استمرار الأهلية لبقاء الالتزام . - قوله ( رحمه الله ) : ( فإن حقيقة الوصية الايصاء . . . الخ ) [1] . أما أن حقيقة الوصية العهدية ايصاء الغير - غاية الأمر له رده لا أنه يتعاقد معه على عمل - فهو مما لا ينبغي الشبهة فيه ، ولذا لا ريب في تحقق الوصية بالحمل الشايع ولو مع عدم التفات الوصي ، فقبوله قبول الوصية ورده ردها . وأما الوصية التمليكية فحقيقتها جعل شئ ملكا لغيره بعد موته ، لا المعاقدة مع الغير على الملكية ، غاية الأمر أن ادخال شئ في ملك أحد من دون رضاه نحو سلطنة على الغير ، وليس من شؤون السلطنة على المال السلطنة على الغير ، فلا محالة يتوقف نفوذ التمليك على رضاه أو عدم رده على الخلاف . ومن الواضح أن مجرد التمليك المنوط بالرضا لا يستدعي شعور المتملك به حال التمليك ، وإنما كان هذا المعنى من شؤون المعاهدة مع الغير ، فإن أريد من عقدية الوصية أنها تعاقد مع الغير على ملكية شئ فهو ممنوع ، بل حقيقته تمليك الغير ، فهو من هذه الحيثية كالايقاعات ، وإن أريد من عقديتها توقف تأثيرها على رضا الموصى له فهو لا يوجب تحقق المعاقدة مع الغير ، فتفارق الايقاعات في هذه