نظر مع قطع النّظر عمّا ذكرناه من أنّ الشكّ في الوفاء وعدمه ناش من الشكّ في تعلَّق العقد بالمقيّد وعدمه والأصل عدم تعلَّقه بالمقيّد فإنّ السّلب النّاقص المذكور ليست له حالة سابقة متيقّنة وأيّ وقت كان العقد لم يف به البائع ليستصحب فلعلَّه قد وفى بما بحسب الوفاء به من أوّل زمان وجوده قوله قدس سره المال الَّذي وقع المعاوضة بينه وبين لعلّ مراده ما ذكرناه من أصالة عدم وقوع العقد على المقيّد وهو الذي لا ينطبق على المدفوع والتعبير بالمال وقع مسامحة إذ قد عرفت أنّ اللَّزوم والجواز صفتان للعقد دون المال وقد عرفت أنّ هذا الأصل حاكم على أصالة عدم وصول العوض إن تمّت قوله قدس سره ومن المعلوم أن عدم الانطباق هو المطابق للأصل عدم الانطباق المطابق للأصل هو عدم الانطباق بمعنى السّلب التام الَّذي هو مفاد ليس التامّة أعني عدم حصول المطابقة بين الأمرين فلو كان هذا موضوعا للجواز أثبته الأصل أمّا لو كان موضوعه عدم مطابقة العين الخارجيّة لما وقع عليه العقد لم يكن لهذا السّلب النّاقص حالة سابقة متيقّنة وأيّ وقت علم بوقوع العقد وعدم كونها مطابقة لمتعلَّقه ليحكم ببقاء عدم المطابقة قوله قدس سره نعم ما في المبسوط والسّرائر والدروس يعني تمسّكهم بأصالة بقاء اليد يكشف عن أنّ الأصل الأوّلي عندهم لولا اليد هو الجواز مطابقا لما قلناه وإنّما خرجوا عنه بحكم استصحاب بقاء اليد فالعمومات عندهم ساقطة عن الاعتبار كما أنّ الأصل قاض بالجواز إلَّا أن استصحاب اليد دعاهم لأن يحكموا باللَّزوم قوله قدس سره وأمّا دعوى ورود أصالة عدم تغيّر المبيع قد تقدم عدم جريان أصالة عدم التغيّر لأنّه من استصحاب القهقرى على تقدير مضافا إلى عدم ثبوت أثر شرعيّ له وكونه مثبتا على تقدير آخر ولولا ذلك لم يتّجه عليه إشكال المصنف كما سنشير إليه قوله قدس سره ولكن الأصول العدميّة في مجاريها لا يثبت وجود أضدادها لكن الموضوعات المركَّبة من الأمور الوجوديّة والعدميّة تحرز باستصحاب عدم العدميّات عند إحراز الوجوديّات بالوجدان أو بأصل آخر وما نحن فيه كذلك فإنّ تعلَّق العقد بهذا الخارج مقطوع به وكونه سمينا في حال العقد ليرجع ذلك إلى اشتراط السّمن حتّى يثبت في تخلَّفه الخيار مشكوك فيستصحب علم السّمن واستمرار الهزال إلى حال العقد فالعقد وقع على هذا المحكوم بعدم السّمن بالأصل لكنّك عرفت أنّ هذا استصحاب معكوس لا اعتبار به مضافا إلى أنّ الأثر في المقام للعلم والبناء على السّمن الَّذي هو في قوّة الاشتراط ليثبت في تخلَّفه الخيار لا واقع السّمن والهزال فالعلم موضوعيّ مولَّد للاشتراط الموجب لثبوت الخيار لدى التخلَّف لا طريقي إلى الواقع حتى يكون حكم الخيار وعدمه مرتّبا على الواقع فيكون استصحاب عدم السّمن نافعا في انتفاء الخيار قوله قدس سره فمقتضى ما ذكرنا في طرف المشتري تقديم قول البائع كما أن مقتضى ما ذكرنا نحن هناك تقديم قول المشتري لأنّ حصول النّقل والانتقال معلوم والشكّ في سلطنة البائع على حلّ العقد ناش من وقوع عقد مشروط بشرط قد تخلَّف والأصل عدمه فيوافق هذا الأصل أصالة اللَّزوم وإن كان حاكما عليها وفي رتبة السّبب قوله قدس سره ولم يعلم وجهه وجهه هو تقديم البائع هناك الَّذي تخلَّص منه ببذل الجهد وإتعاب النّفس وقد عرفت أنّه هو الحق الَّذي لا محيص عنه وأنّ مدّعى اللَّزوم في المقامين مستظهره الأصل وهو أصالة عدم سبب الخيار والسّلطنة على حلّ العقد بعد تحقّق النقل والانتقال بالقطع دون الأصول الَّتي استدلّ بها هناك < صفحة فارغة > [ الثاني ما لو اختلفا في تقدم البيع على التغيير وتأخره ] < / صفحة فارغة > قوله قدس سره والظَّاهر أنه لا يترتّب على شيء منهما الحكم بالجواز أو اللَّزوم بل يترتّب على استصحاب السّمن وعدم طروّ الهزال إلى زمان العقد عدم الجواز لأنّ الجواز من أحكام تخلَّف ما اشترط في العقد وعدم تحقّقه حال العقد فإذا استصحب استمراره إلى زمان العقد انتفى الحكم بالجواز ولا يعارضه استصحاب عدم وقوع العقد ما دام السّمن فإنّ ذلك لا يثبت وقوع العقد حال الهزال وحال عدم الشرط الموجب لثبوت الخيار والأوّل يثبت وقوعه حال الشّرط ولو بإثباته جزءا من هذا الموضوع مع إحراز جزئه الآخر بالوجدان فإن وقوع العقد على الحيوان الخارجيّ بقيد السّمن معلوم والشّك في أنه كان سمينا حال العقد فبالاستصحاب يثبت السّمن حاله ويتمّ موضوع اللَّزوم وهو تحقّق الشّرط أعني السّمن حال العقد قوله قدس سره وهناك في حقّه الواصل يعني في حقّه المنتقل إليه بالعقد وأنّه هو جرم المبيع أو المبيع مع الشّرط بخلاف المقام المعلوم أن حقّه المبيع مع الشرط والشكّ في أنه وصل وانتقل إليه هذا الحقّ أم لم ينتقل ولم يصل إلَّا المبيع الخالي عن الشرط لأجل ارتفاع الشّرط حال العقد قوله قدس سره ولو وجد المبيع تالفا بعد القبض لم يعلم وجه مناسبة هذا الفرع للمقام الَّذي هو البناء على الصّفات المشاهدة ولم يعلم أيضا وجه التّقييد بما يكفي في قبضه التّخلية فإن فرض تصويرها لا يختصّ بذلك والظرف في قوله بعد القبض متعلَّق بتالف لا بالوجدان وحاصل الفرع أنّه إذا كان القبض حاصلا قبل التّلف ثم طرأ الأمر أنّ التّلف والبيع ولم يعلم السّابق منهما فعليه لا يكون التّلف موجبا لبطلان البيع على كل حال سواء كان قبل البيع أو بعده من باب أنّه تلف قبل القبض بل لو كان البيع سابقا لم يبطل البيع وكان التّلف من مال المشتري ولو كان بالعكس لم ينعقد البيع من رأس فالأمر يدور بين انعقاد البيع وتحقّق مفهومه فيكون صحيحا أيضا شرعا وذلك إذا كان واقعا قبل التّلف وبين عدم تحقّق مفهومه الَّذي هو مبادلة مال بمال وذلك إذا كان واقعا حال التّلف وخروج البيع عن الماليّة فاستصحاب بقاء العين إلى زمان البيع لا يثبت تحقّق عنوان البيع ومفهوم مبادلة مال بمال كما أن استصحاب عدم إنشاء البيع إلى زمان التّلف لا يثبت عدم تحقّقه وتعلَّق الإنشاء بالتّالف فبالنّتيجة يكون تحقّق مفهوم البيع مشكوكا والأصل عدمه ويترتّب عليه بقاء ملك المشتري على الثمن وأمّا أصالة الصّحة فهي إنّما تجري بعد إحراز المقسم بين الصّحيح والفاسد ثم الشكّ في تعيين القسمين فيتعيّن القسم الصّحيح بأصالة الصّحة كما إذا أحرز الوضوء والغسل وشكّ في صحته وفساده أمّا إذا لم يعلم أنه وضوء أو تدهين فأصالة الصّحة لا تعيّن عنوان الوضوء ومنه ما نحن فيه فإن ما صدر مشكوك أنه بيع ومبادلة مال بمال أو مجرّد إنشائه الَّذي يصحّ سلب حقيقة البيع عنه فأصالة الصّحة لا تقتضي كونه بيعا نعم إذا تردّد بين أن يكون الإنشاء لغوا خاليا عن الغرض كما فيما إذا علم أنّه إذا كان البيع لاحقا كان عن علم بالتّلف مع عدم غرض عقلائي آخر يخرجه عن اللغويّة فلا يبعد أن يكون بناء العقلاء على الحمل على كونه سابقا صونا لأفعال العقلاء عن اللَّغو لكن في بنائهم مع ذلك على ترتيب آثار البيع نظر والمتيقّن هو تنزيههم فعل العاقل عن تبعات اللَّغو لا التزامهم بترتيب آثار ما يقابله نعم في باب الألفاظ والمخاطبات إذا احتمل صدور خطاب لغو أو مع إرادة المعنى عن جدّ يلتزمون بصدوره عن جدّ ويرتّبون آثار الجدّ فلو كان أمرا يقومون بامتثاله كذلك يمكن إدراج ذلك تحت الدلالات اللَّفظيّة دون الأصول العقليّة قوله قدس سره ولو فيما إذا باع بلا ثمن لا فرق بين بيع التالف وبين البيع بلا ثمن في عدم جريان أصالة الصّحة لعدم إحراز العنوان المقسم للصّحيح والفاسد فإنّ ذلك بيع بلا مبيع وهذا بيع بلا ثمن ومفهوم البيع والمبادلة لا يتحقّق بلا طرفين المبيع والثّمن وما لم يتحقّق أو لم يحرز تحقّقه كيف يحكم بصحّته الَّذي هو فرع إحراز تحقّقه قوله قدس سره إذ لا فرق في توقّف رفع الغرر الظَّاهر جريان السيرة على الشراء بلا تفحّص عن العيب أو عن سائر صفات المبيع إذا كان الغرض متعلقا بنفس المبيع من غير نظر إلى أوصافه فيشتريه وإن كان معيبا أو غير متّصف بصفة كمال ولا يعدّ ذلك غررا وسيجئ أنّ العلَّامة في القواعد عنون المسألة بما كان المراد طعمه أو ريحه بل يظهر من بعض العبائر الآتية فيما يفسده الاختيار من أنه يباع بشرط الصّحة أو البراءة من العيوب