صاعا آخر رجع استحقاقه إلى ثمانية فيكون مجموع الصّبرة بينهم كلّ يستحقّ جزءا كليّا منها فإذا تلف مجموع الصّبرة إلَّا واحدا اشترك في هذا الواحد مجموع الشركاء الثلاثة حسب ما قدّمناه وعلى مذاق المصنف ينبغي أن يدفع هذا الصّاع إلى المشتريين بالمناصفة من غير وجه للفرق بين صورة بيع الصّبرتين تدريجا وبين بيعهما دفعة واحدة قوله قدس سره ثم اعلم أنّ المبيع إنّما يبقى كليّا ما لم يقبض محصّله أنّ القبض إن كان لمعيّن كان أثره تعيين ما يستحقّه المشتري في شخص معيّن وإن كان لغير معيّن كما إذا قبض جميع الأطراف وفاء في مقدار حق المشتري وأمانة في البقيّة كان أثره تنزّل ما يستحقّه المشتري بعنوان كلَّي إلى الخارج لكن لا على وجه التّعيين بل على سبيل الفرد المنتشر فيتنزّل الاستحقاق من الكليّ إلى الفرد المردّد فيكون كما إذا باع من أوّل الأمر فردا منتشرا وقلنا بصحّته ويكون التّالف بعد هذا منهما على حسب النّسبة لبطلان الترجيح من غير مرجّح لكن قد عرفت أنّ الحكم كذلك قبل القبض ومن أوّل الأمر فالقبض كذلك لا يزيد شيئا على الحالة الأصليّة إلَّا أنّ تلفه يكون من مال المشتري الَّذي هو حكم القبض ولا أعلم أنّ المصنف ما ذا يقول هاهنا في أمر التّعيين وحسب مذاقه السّابق ينبغي أن يكون اختيار التّعيين بعد باقيا بيد البائع إذ مجرّد الإقباض كذلك لا يسقط حقّه من التعيين في فرد معيّن ولكن لا أظنّ أن يلتزم بذلك بعد الإقباض والالتزام بلازمه من كون التّلف قبل التّعيين على البائع لخروجه بالتّلف عن قابليّة ملكيّة المشتري قوله قدس سره وإن اقتصر على موردها لم يتعدّ إلى غير مورده حتى في البيع لكن يمكن دعوى القطع بعدم خصوصيّة بيع القصب لا سيّما لو بني على الاقتصار على شخص ذلك البيع المتعلَّق بشخص ذلك القصب وهذا بخلاف البيع والاستثناء فإنّه لا قطع بعدم الخصوصيات والحكم مخالف للقاعدة أعني قاعدة تبعيّة العقود للقصود فإنّ اللَّفظ لو فرض ظهوره في الإشاعة كان القصد المستكشف من الظهور هو قصد الإشاعة فمعاملة الكليّ في المعيّن يحتاج إلى دليل مخرج ولا دليل في غير البيع لكن بعد فرض الظَّهور في الإشاعة واستكشاف القصد إلى الإشاعة بذلك كان الخروج برواية بريد بن معاوية عن قاعدة تبعيّة العقود للقصود في غاية الإشكال إلَّا أن يعتضد ذلك بفتوى المشهور قوله قدس سره وأضعف من ذلك الفرق بقيام الإجماع لو أمكن دعوى الإجماع في مسألة البيع كما يظهر من تعبير المصنف بقوله بل لم يعرف من جزم بالإشاعة كان الفرق بالتّعبد بالإجماع في مسألة البيع وكون الحكم على القاعدة في مسألة الاستثناء بعكس ما أفاده المصنف سليما عن إشكال المصنف لأن احتمال التعبّد في مسألة البيع بواسطة رواية بريد بن معاوية قريب جدّا قوله قدس سره في مسألتي الزكاة والاستثناء يشكل ذلك في مسألة الاستثناء فإنّ الاستثناء ليس من قبيل الشرط ليكون الوفاء به واجبا بدليل المؤمنون عند شروطهم بل معناه عدم توجّه معنى المعاقدة إلى المستثنى وانحصار توجّهه إلى المستثنى منه فالمستثنى باق بطبعه الأوّلي على ملك مالكه الأصلي والواجب على المشتري أن لا يتصرف فيه لا أن يقبضه وكونه أمانة بيده لا يقتضي أزيد من ذلك فإنّ معنى وجوب أداء الأمانة إلى أهلها عدم منعهم عن أخذها والتّخلية بينهم وبين أموالهم لا وجوب إقباضهم لها بذاك المعنى من الإقباض الَّذي قد يعتبر في البيع قوله قدس سره لا يخلو عن مصادرة فإنّه دور مصرّح إذ توجّه التّكليف بالإقباض موقوف على كون الحق بتمامه باقيا في العين فكيف يستدل على إثبات كون الحق باقيا بأجمعه في العين بتوجّه التّكليف قوله قدس سره وأمّا مدخليّة القبض في اللَّزوم فلا دخل له أصلا مع عدم دخل القبض في اللَّزوم بمعنى ما يقابل الخيار نعم هو دخيل في عدم طروّ الانحلال القهري بالتّلف الذي موضوعه التّلف قبل القبض فليكن مراده من الدّخل في اللَّزوم هو هذا المعنى قوله قدس سره ومثله في الضّعف لو لم يكن عينه ما في مفتاح الكرامة الَّذي أراه في الفرق بين المقامين هو أنّ المبيع في كلا المقامين هو الكليّ في المعين من غير فرق إلَّا في أنّ التّلف في بيع صاع من صبرة قد حصل قبل القبض وهنا قد حصل بعد القبض وبعد تعيّن حق المشتري في الخارج وصيرورته فردا منتشرا في البقيّة كما إذا تلف في مسألة بيع صاع من صبرة أيضا بعد إقباض تمام الصّبرة على أن يكون مقدار صاع منه وفاء لحقّه والبقيّة أمانة كما تقدم عنوانه في كلام المصنف توضيح ذلك أنّ الذي ينبغي مقايسة من مسألة الأرطال بمسألة بيع الصّاع من الصّبرة هو المبيع وهو ما عدا الأرطال دون نفس الأرطال الَّتي لم تقع عليها المعاملة فإنّ مكانة الأرطال هنا مكانة بقيّة الصبرة ممّا عدا صاع منها من تلك المسألة ومكانة ما عدا الأرطال هنا مكانة الصّاع من تلك المسألة فإنّ المعاملة وقعت على ما عدا الأرطال بأيّ مقدار ورطل انطبق وهذا كلَّي في المعيّن لأنّ الأرطال المستثناة في المعيّن ومقتضى كونها كليّا وإن كان عدم حساب شيء من التالف مثل مسألة الصّاع على المشتري وإعطاء مقدار استحقاقه بالاشتراء ما دام باقيا وكون التّالف على البائع خاصّة ولكن حيث إنّ التّلف هنا مفروض بعد إقباض البائع تمام المبيع لكن في ضمن المجموع المشتمل على المبيع وعلى الأرطال الباقية على ملك البائع على خلاف المفروض في تلك المسألة لا جرم صار ملك المشتري لما عدا الأرطال خارجيّا غاية الأمر منتشرا كمفاد النكرة فإذا تلف حسب منها جميعا وهذا كذلك حتى في مسألة بيع الصّاع من الصّبرة إذا حدث التّلف بعد إقباض تمام الصّبرة على أن يكون مقدار صاع منه وفاء والبقيّة أمانة فإنّ التّلف بعد هذا يكون منهما جميعا حسب ما تقدم من المصنف ولولا ما في ذيل عبارة صاحب مفتاح الكرامة من قوله ولهذا لم يحكم بضمان المشتري هنا بخلاف البائع هناك أمكن تطبيق عبارته على ما ذكرناه ويكون غرضه بيان التفرقة بين المقامين في حساب التّالف على البائع هناك وعليهما جميعا هنا دفعا لتوهّم أنّه على البائع أيضا هنا حسب ما هناك لا دفعا لتوهّم أنه على المشتري هنا كما أنّه على البائع هناك من باب توهّم أنّ الأرطال المستثناة كليّ ينبغي وفاؤها ما دام فرد منها باقيا وبالجملة أصل هذا الإشكال وأساسه فاسد مبنيّ على مقايسة الأرطال هنا بالصّاع هناك مع أنّ المقابلة إنّما هي بين ما عدا الأرطال والصّاع وتوهّم الإشكال إن كان فبين عدم ضمان البائع هنا وضمانه هناك لا بين عدم ضمان المشتري هنا وضمان البائع هناك فإنّ المقايسة المزبورة بمكان من البطلان نعم هنا كلام آخر وهو أن استحقاق أحد الشّريكين من مال شخصي إذا كان كليّا كان استحقاق الآخر أيضا كليّا فيكون حساب التالف على أحدهما دون الآخر على خلاف القاعدة وترجيحا بلا مرجّح فالحكم في مسألة بيع صاع من صبرة بحساب التّالف على البائع يكون على خلاف القاعدة وأظنّ أنّهم استنبطوا هذا الحكم من دليل كلّ بيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه فإنّ المتفاهم العرفي من هذه العبارة في تلف المبيع المعيّن الشّخصي هو انحلال المعاملة واسترداد الثمن بحساب التّالف مجموعا أو بعضا وفي أمثال المقام ممّا كان المبيع جزءا كليّا من معيّن وكذلك فيما كان كسرا مشاعا هو حساب التالف من مال البائع بمعنى ثبوت التقسيم القهريّ من الشّارع بأنّ التالف للبائع والباقي للمشتري فإنّ كونه من مال البائع معناه الأوّلي هو هذا وحيث لم يكن يتصور هذا في تلف العين الشّخصيّة التزموا بانحلال العقد هناك ورجوع المبيع إلى ملك البائع والثمن إلى ملك المشتري ولو بتقدير ملكه له آنا ما قبل التّلف وهذا المعنى ممّا تحتمله عبارة مفتاح الكرامة بل يظهر منها ذلك لولا ذيل عبارته الذي أشرنا إليه لكن اللازم من ذلك أن يلتزموا في بيع كسر مشاع أيضا بذلك والظَّاهر أنهم لا يلتزمون به قوله قدس سره مع كون مقتضى الكليّ عدم تعيين فرد منه أو جزء منه لمالك إلَّا بعد إقباض مالك الكلّ حصول التعيّن وتنزّل الكليّ إلى الخارجيّ الشخصي يحتاج إلى حصول رضاء الشريكين بقبض الخارج بعنوان الصداق للحقّ ولا يكفي قبض أو استدامة قبض لم يكن ذلك برضا الطرفين في انطباق