اللهم إلا إذا بنينا على أصالة الحظر في الأموال ، ومعها لا يجوز التصرف فيه تكليفا ، وأما ضمانه فهو تابع لحصول أسبابه واقعا والحكم به يدور مدار إحرازها وإثباتها ظاهرا . نعم لا يجوز بعض التصرفات مثل البيع والإجارة وضعا لأنه مقتضى القول بأصالة الفساد في المعاملات باستصحاب بقاء المال في ملك مالكه وعدم نقله إلى المشتري . وأما بحسب الأدلة فيمكن أن يستدل بتوزيع المال بين الأفراد الذين هم أطراف الشبهة ، أولا بأن ذلك حكم بالعدل المأمور به في قوله تعالى : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل فالعدل توزيع المال بينهم . لا يقال : إن الواجب هو الحكم بالحق وهذا ليس منه بل حكم بغير الحق . فإنه يقال : الواجب على الحاكم هو الحكم على طبق الموازين الشرعية وهو الحكم بالعدل ، وأما الحكم بالواقع وبما هو الحق في الواقع ، فلا يتأتى إلا ممن كان عالما بالواقعيات بإذن الله تعالى . والظاهر أن الله تعالى لم يأذن لهم بالقضاء بعلومهم اللدنية الموهوبة إليهم منه إلا لداود على نبينا وآله وعليه السلام ، فقال الله تعالى : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) وإلا لمولانا ومولى الكونين الإمام المهدي أرواح العالمين له الفداء حسبما جاء في بعض الروايات ، هذا مضافا إلى أنه يستفاد من الأخبار أن الحكم على طبق الموازين ، سواء أصاب الواقع أم لم يصب حكم بالحق . لا يقال : إن الحاكم على طبق الموازين معتمدا عليها له العلم العادي أو الظن المعتبر بالواقع ، وأين ذلك مما نحن فيه ، فإن الذي يحكم بالتنصيف عالم بعدم إصابة حكمه إلى الواقع لا محالة .