نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 69
أنهم يغارون على حقوق المرأة وحريتها . وقد فاتهم أن العدل الذي اعتبره القرآن شرطا أساسيا لإباحة التعدد ليس هو المساواة من جميع الجهات ، حتى في ميل القلب واتجاه النفس ، وانما هو المساواة في الإنفاق والرعاية وغير ذلك مما تحتاجه الزوجة . وأما ميل القلب واتجاه النفس فليسا مما يملكهما الإنسان ، فلا يتعلق بهما التكليف لأنه لا يتعلق إلا بما هو مقدور ومستطاع ، والعدل الذي نفته الآية الثانية فهو بمعناه العام الشامل لهذه الحالة ، وهو بهذا المعنى ليس شرطا لإباحة التعدد . وإنما الذي وقع شرطا فيها هو المساواة في الإنفاق والرعاية وغيرهما مما تحتاج إليه الزوجة مع زوجها ، وكونه بجميع مراحله غير مستطاع لا ينافي أن يكون مستطاعا ببعض مراتبه . والذي يدل على ان المراد من العدل الذي لا بد منه هو بعض مراتبه قوله سبحانه في آخر الآية : « فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ » . وكان النبي ( ص ) بصفته أحد المكلفين يسوي بين نسائه في القسم والإنفاق والرعاية وجميع ما يحتجن إليه ، ويقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك ، ويعني بذلك ميل القلب . والآية الكريمة وإن وردت في معرض الرفق باليتامى والإحسان إليهم والرعاية لهم ، إلا أن ذلك لا يمنع من إفادتها لهذا التشريع الخالد الذي هو ضرورة من ضرورات المجتمع . وقد جاء في تفسير هذه الآية أن اليتيمة تكون في بيت المسلم ، فإذا بلغت مبالغ النساء قد يعجبه مالها وجمالها ، فيطمع في زواجها بدون أن يدفع لها من الصداق ما يدفعه غيره . ففي مثل ذلك نصت الآية بأن على أولياء اليتامى أن يدفعوا إليهم أموالهم ، بعد أن يبلغوا مبالغ النساء . ونهت عن الزواج بهن بدون أن يدفعوا لهن الصداق الذي يدفعه الغير ، وفي نفس الوقت رخصت نكاح غيرهن من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فيكون المعنى المقصود منها هو انه ما دام يباح لكم ان تتزوجوا بمن شئتم فاتركوا اليتامى إذا لم تقسطوا إليهن في الصداق ، وإن أعجبكم جمالهن واغرتكم أموالهن .
69
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 69