نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 40
لأبي جعفر ( ع ) ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي ، قال ان الله يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة فصار القصر واجبا في السفر كوجوب التمام في الحضر ، ثم قالا له انه قال فليس عليكم جناح ، ولم يقل افعل فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام ؟ أجابهما ( ع ) بما حاصله ان نفي الجناح في المقام كنفيه في آية الصفا والمروة حيث جاء فيها : « فَلا جُناحَ عَلَيْه أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » ومن هذه الآية استفدنا وجوب الطواف ، وفي كل منهما كان بلسان نفي الجناح . وكما نص القرآن على حكم الصلاة في حال السفر ، نص على حكمها وكيفيتها في حالتي الحرب والخوف قال سبحانه : « وإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ولْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ ولْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ولْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وأَمْتِعَتِكُمْ » . فقد نصت الآية على وجوب الصلاة حتى في مثل هذه الحالة ، وحددت لهم الطريقة التي تحفظ لهم سلامتهم من عدوهم بالتوجيه التالي ، فقسم يبقى مع العدو وجها لوجه وآخر يحافظ على الإمام والمسلمين وهم في صلاتهم ، وكلما صلت طائفة وقفت موقف من لم تصلّ وجاءت تلك للصلاة وهكذا إلى أن يصلي الجيش بأجمعه ، وأما مقدارها فليس في آيات الكتاب ما يشير إليه ، وقد بين الرسول ( ص ) كميتها وكيفيتها كما هو الحال في جميع مواد التشريع التي تعرض القرآن لأصل تشريعها وترك بيان ماهيتها وشرائط وجوبها إلى الرسول . وقد وقع الخلاف في كيفيتها وكميتها عند أصحاب المذاهب واتباعهم كما وقع لغيرها من المسائل الفقهية ومن المعلوم أن الخلاف الواقع بينهم في كثير من المسائل لم يكن في الفترة التي تلت وفاة الرسول بتلك الكثرة التي حصلت في عصر التابعين وأتباعهم ، فلقد ظهر بعد عهد الصحابة حينما انتقل المسلمون من طور التقليد والتبعية لآراء الصحابة إلى طور الاستقلال والتنقيب عن الحديث ورواته . وعند ما أصبح الفقيه لا يرى نفسه ملزما بكل ما أتى به هؤلاء وبكل ما نقلوه من الأحاديث ، فقد صح عند التابعين من حديث الرواة ، ما فسد عند الصحابة ، وقد يرى المتأخر عدم جواز العمل بما عمل فيه المتقدم ، لذلك كان الخلاف وبدأت الآراء تتشعب في بعض مسائل الفقه .
40
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 40