نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 38
ولقد فرض الإسلام الصلاة على المسلمين في جميع حالاتهم ، في السفر والحضر والأمن والخوف والصحة والمرض والضعف والقوة ، وراعى في تشريعها جميع هذه الحالات ، توسعة منه على عباده وتسهيلا عليهم في امتثال أوامره ونواهيه . ففي حالة السفر فرض عليهم قصر الصلاة ، والإتيان بها ركعتين بدلا من أربع ركعات ، قال سبحانه : « وإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً » فقد نفى في هذه الآية عن الإنسان أي جناح ان قصر من صلاته إذا ضرب في الأرض ، ولكن الآية الكريمة ليس فيها ما يشير إلى كمية المسافة وكيفيتها ، وفي مثل ذلك يكون المرجع في حكمها ، وتحديد موضوعها وبيان ما أجملته الآية الكريمة هو الرسول ( ص ) وقد بين جميع ما هو متروك إليه قولا وعملا ، ورواه عنه الأمناء الحريصون على سنته وسيرته ، ونتج من إجمال الآية واختلاف الرواة فيما نقلوه عن الرسول ( ص ) ، واختلافهم في فهم الحديث ، نتج من جميع ذلك الخلاف الواقع بين علماء المسلمين في مقدار المسافة وكيفيتها وان هذا النوع من التشريع هو ترخيص للمسافر بقصر الصلاة أو إلزام له بذلك ، فالشيعة الإمامية يرون ان قصر الصلاة حكم إلزامي ويوافقهم في ذلك جماعة من أهل السنة الأحناف اتباع أبي حنيفة ، ولكن الإمامية يرون أن المسافة التي يجب فيها القصر هي ثمانية فراسخ ذهابا ، أو ملفقة من الذهاب والإياب ، بينما يرى الأحناف أنها أربعة وعشرون فرسخا ذهابا ولا يشرع القصر في أقل من ذلك . والقائلون بأن تشريع القصر في السفر ليس إلزاميا كما يرى ذلك أئمة المذاهب الثلاثة ، ما عدا الأحناف . يرون أن المسافة التي يباح فيها للمسافر ان يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين بدلا من أربع ركعات لكل فريضة ، هي ستة عشر فرسخا ذهابا ولا يضر النقصان اليسير عن ذلك . هذه هي الخطوط الرئيسية للخلاف بين
38
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 38