نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 244
السابق . ومهما كان الحال ، فنحن لا نمنع من أن التدوين كان منذ فجر الإسلام . ولدينا من المصادر الموثوق بها ، ما يؤيد هذا الرأي ، وإن كانت مصادر إخواننا أهل السنة لم تذكر للشيعة شيئا يذكر ، بالنسبة لما ذكرته المصادر الشيعية . وفيما سبق ، قد ذكرنا عند الكلام على تدوين السنة ، الأسباب التي منعت من طهور آثار علي وشيعته ، وما كتبوه في الفقه والحديث وما صدر عنهم من أحكام وفتاوى ، منذ الأيام الأولى لوفاة الرسول . ونعود هنا لنؤكد ما ذكرناه سابقا ، بما قاله الأستاذ ( محمد أبو زهرة ) في كتابه الإمام الصادق ( ع ) قال : وانه يجب علينا ان نقرر هنا ان فقه علي وفتاويه وأقضيته لم ترد في كتب السنة ، بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته ، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله . وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله ( ص ) ، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث ، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه . ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور له فيها . وإذا كان لنا أن نتعرف السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويات علي وفقهه ، فإننا نقول إنه لا بد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي ( ع ) في القضاء والإفتاء ، لأنه ليس من المعقول أن يلعنوا عليا فوق المنابر وأن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه وينقلون فتاويه وأقواله للناس ، وخصوصا ما كان يتصل منها بأساس الحكم الإسلامي . والعراق الذي عاش فيه علي ، وفيه انبثق علمه ، كان يحكمه في صدر الدولة الأموية ووسطها ، حكام غلاظ شداد ، لا يمكن أن يتركوا آراء علي تتسرب في وسط الجماهير الإسلامية ، وهم الذين يخلقون الريب والشكوك حوله [1] .