نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 206
لقد بقي الإمام زين العابدين ( ع ) ما يقرب من أربعين عاما بعد أبيه ، قضاها في ظل العهد الأموي ، وتحت الرقابة الشديدة من الأمويين وولاتهم ، كالحجاج الثقفي وأمثاله ، الذين كانوا يعملون جهدهم للقضاء على جميع الفئات ، التي لا تدين بالولاء إلى الأمويين . وكان الشيعة في طليعة من لاقوا حتفهم على يد الحجاج وغيره من اتباع الأمويين . وكانت تتبع موجة القتل والتشريد والتعذيب ، موجة أخرى من الأحاديث المكذوبة للقضاء على آثار أهل البيت ، ومحو التشيع من أساسه . ولكن جميع المحاولات التي قام بها معاوية وولاته والأمويون وأتباعهم ، لم تغنهم شيئا ، فلقد بقي التشيع ، وبقيت آثار أهل البيت : « كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها » . وما ذلك إلا لأن قادة التشيع ، لم يكونوا في يوم من الأيام إلا صورة صادقة عن جدهم الرسول الأعظم ، في سيرتهم وإخلاصهم لمبادئ الإسلام وتعاليم القرآن ، وتفانيهم في سبيل الحق ومحاربة الباطل . لقد بذل معاوية ، فيما بذله من الأموال الطائلة ، أربعمائة ألف درهم لسمرة ابن جندب ، أحد اتباعه ، ليروي إلى الناس ان قول الله سبحانه : « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَه ابْتِغاءَ مَرْضاةِ الله » ، يشير إلى ابن ملجم ، لأنه سبق في علم الله انه سيقتل عليا ، وان قوله سبحانه : « ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُه فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ( وَيُشْهِدُ الله عَلى ما فِي قَلْبِه وهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) وإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ويُهْلِكَ الْحَرْثَ والنَّسْلَ » ، يشير إلى علي ( ع ) . فروى سمرة ذلك وإشاعة بين الناس . ومع علمهم بكذبه ، ما استطاع أحد ان يجاهر بالخلاف ، خوفا من سيف معاوية المسلول على رقاب الآمنين . وجميع المسلمين يعرفون ويعلمون ان معاوية وأتباعه هم المعنيون في الآية الثانية ، وان عليا وأبناءه وشيعتهم الطيبون ، هم المعنيون بالآية الأولى . ولم يستطع أن يغير من الحق والواقع شيئا بكذبه وبهتانه وسيوفه المسلولة على الرقاب . وكان نصيبه الفشل والخسران ، في كل محاولاته التي بذلها للقضاء على
206
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 206