نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 203
( ع ) ، أن قتله يزيد بن معاوية ، بعد ان استغاث به ملايين المسلمين لينقذهم من سلطانه وسلطة ولاته الجائرين . ورأى نفسه بإزاء أمر لا مفر منه ، ولا محيد عنه ، فاستجاب لرغبة أهل العراق الملحة ، ولكتبهم التي بلغت ألفا أو تزيد . وقبل ان يدخل الكوفة فوجئ بغدرهم ، فلم يعد بإمكانه ان يرجع إلى مدينة جده ، أو يلتجئ إلى بلد عربي آخر . وأصبح بين أمرين : إما ان يستسلم ليزيد وأتباعه ، أو يقاتل القوم بتلك الحفنة القليلة من أصحابه وبنيه . اما الاستسلام ، ومن ورائه البيعة ليزيد ، فقد أعلن رأيه فيها صريحا في الأيام الأولى لولاية يزيد بن معاوية ، يوم استدعاه من أجلها حاكم المدينة ليلا ، وفي مناسبات أخرى ، فكان المحتم ان يرفضها اليوم ، كما رفضها بالأمس ، مهما كان مصيره ، ما دام في سبيل الحق والإنسانية فمات هو وأصحابه ميتة الكرام ، ولسانه يردد : « لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما وشقاء » . وترك من ورائه دروسا في الإباء والتضحية والثورة على الظلم والظالمين والتفاني في سبيل العقيدة والمبدأ ، لا تزال الأجيال تستلهم منها العزيمة والإخلاص للحق والعقيدة ، والاستهانة بالحياة مع الظالمين . وستبقى هذه الذكرى الخالدة من أروع ما يقدمه الإنسان في هذه الحياة للبشرية من أعمال وآثار . هذه لمحة خاطفة عن الوضع السياسي بعد انتقال الخلافة الإسلامية إلى الأمويين . وقد أوجزنا فيها سيرتهم مع أهل البيت وشيعتهم وما لا قوة من التعذيب والاضطهاد ، والأسباب التي أبعدتهم عن حقهم الشرعي في الخلافة الإسلامية وكان مما لا بد لنا من ذلك ، لنعرف مدى آثار هذا الوضع على حملة الفقه والحديث ، من رجال الشيعة وفقهائهم ، ممن بقي من الصحابة والتابعين . ومن ذلك نعرف ان الذي تصدوا للإفتاء ونقل الحديث من الشيعة في ذلك العصر ، كانوا يحرصون ان لا تظهر عليهم صفة التشيّع ، حتى لا يكون مصيرهم مصير من عرفوا بالولاء لأهل البيت ، كحجر بن عدي وسعيد بن جبير ويحيى بن أم الطويل والعشرات من أمثالهم . وقبل ان نستعرض فقهاء التابعين من الشيعة ، لا بد لنا من الإشارة الموجزة
203
نام کتاب : تاريخ الفقه الجعفري نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 203