نام کتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام نویسنده : محمد باقر الملكي جلد : 1 صفحه : 69
قوله تعالى * ( لِلنَّاسِ ) * لا يجوز الاستدلال بهذا العموم على عموم إمامته عليه السلام بحسب الأزمان والأشخاص والأحكام حتى يكون اماما للكل في الكل ضرورة ان هذا العموم لا يدل على عموم ما فيه الائتمام وموارده فالقدر المسلم من هذا العموم هو عموم أهل دعوته المسؤولين بالائتمام به واما بالنسبة الى غير أهل دعوته من الأنبياء الأئمة بعده والأمم المسؤولين بأتباعهم والائتمام به وكذلك بالنسبة إلى الأنبياء غير الأئمة واممهم فلا محال ينحصر مورد الإمامة والائتمام به بالأحكام المولوية التي لم تنسخ واما بالنسبة الى غير هذه الموارد فلا يصدق الاتباع والائتمام فيها سواء كانت من المعارف والأصول أو غيرها من الأحكام . توضيح ذلك من عرف الله ربه بحقيقة إيمانه وعرف توحيده سبحانه ونعوته وكمالاته ومعاني أسمائه فيجب عليه بضرورة من عقله وعلمه الايمان والتصديق بما عرف وعلم وكذلك باب المستقلات العقلية في الأحكام وباب مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ومساويها على عرضها العريض فان كل ذلك معلوم بضرورة العقول وقد تمت الحجة الإلهية فيها على ذوي العقول فلا محصل للاتباع والائتمام في تلك الأمور فيبقى مورد الإمامة والائتمام في الأحكام المولوية الموروثة عن إبراهيم وعن غيره من الأنبياء الأئمة عليهم السلام التي لم تنسخ بعد وما شك من تلك الأحكام أنها منسوخة فالظاهر انها تستصحب كما هو المقرر في محله ولا يخفى أيضا انه لا يصح الاستدلال بقوله تعالى * ( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) * . النحل 134 . وقوله تعالى * ( ومَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّه وهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) * الآية النساء ونظائرها من الآيات لأنا ذكرنا شرحا شافيا في ما تقدم ان تلك الآيات في سياق الدعوة والإرشاد والتذكر الى الدين الخالص عن الشرك والى وجوب الايمان بالتوحيد وفي سياق الترغيب والتشويق وفي تثبيت من آمن واتبع صراط التوحيد وفي بيان ان على الناس أسوة حسنة لإبراهيم و * ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه ) * ولا دلالة في هذه الآيات للاتباع المولوي التشريعي وفي هذه الآيات دلالات وإشارات على ان لإبراهيم مواقف كريمة ومجاهدات كثيرة في القيام بأمر التوحيد . فان قلت فأي مانع من الأخذ بإطلاق هذه الآيات في وجوب الاتباع في غير مورد التوحيد وفي امتثال الأحكام التشريعية أيضا : قلت الأوامر الإرشادية لا إطلاق فيها ولا تقييد وانما يدور مدار الأمر المرشد إليه سعة وضيقا . هذا أولا وثانيا لا يمكن القول بسريان الأمر الإرشادي إلى موارد الأمر المولوي وكذلك بالعكس وسيأتي مزيد توضيح لذلك في طي الأبحاث إن شاء الله ، قال الرازي في تفسير المقام لما وعده تعالى أن يجعله اماما للناس حقق الله تعالى ذلك الوعد فيه الى قيام الساعة فإن أهل الأديان مع شدة اختلافها ونهاية تنافيها يعظمون إبراهيم عليه الصلاة
69
نام کتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام نویسنده : محمد باقر الملكي جلد : 1 صفحه : 69