نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 63
للغير كما هو من دون استهلاك ولا نقص ، فيكون ما أخذه في مقابل الأجل بالإلزام والشرط هو كسب من دون عمل ، وهو لا يجوز شرعاً ولا يجوز من ناحية الاقتصاد إذ هو معنى ما يقال عن هذه العملية ( من تحرك الميزان التجاري من جانب واحد ) وهو لا يجوز اقتصادياً ، لان الذي يأخذ شيئاً في المفهوم الاقتصادي التجاري لا بد ان يعطي شيئا من عمل مخزون أو مباشر [1] . وقد يقال إن المقرض قد أعطى مقابلاً إلى المقترض ( عندما تسلّم النقد المحتاج إليه وملّكه إياه مع الضمان ) وهو « إتاحة فرصة الانتفاع » وحينئذ يحق للمقرِض أن يأخذ زيادة على المال في مقابلة إتاحة فرصة الانتفاع . ولكن نقول : إذا كانت إتاحة فرصة الانتفاع ذات قيمة معينة ، إذن فلكل واحد من الناس إذا أتاح فرصة الانتفاع لغيره ( من دون استهلاك في السلعة المنتفع بها ) أن يأخذ منه فائدة ، ولكن لا قائل بهذا في الفقه الإسلامي الإمامي . ولعل السر هو أن أتاحة فرصة الانتفاع هي حكم شرعي ، بمعنى يجوز لمالك المال أن يقدم فرصة الانتفاع بماله إلى غيره ، ويجوز له ان لا يقدم ، وحينئذ لا يكون هناك حق لصاحب المال ، وإذا لم يكن هناك حق فلا يجوز له أن يقابله بالمال [2] . نعم : ان إتاحة فرصة الانتفاع بالمال مع المشاركة في الخسارة - ان وجدت - كما في عقد المضاربة هما معا يسوغان الربح المحتمل ، لأنه يعبر عن تحرك الميزان من
[1] ومن الطبيعي في العقود الربوية المشترط فيها الزيادة في عقد القرض ، والملزمة للمقترض ، لا يمكن القول بان الدافع قد تبرع بالزيادة إلى المقرِض حتى تكون صحيحة ، إذ لا يجتمع الإلزام بالزيادة من قبل المقرض والتبرع من قبل المقترض . [2] الفرق بين الحكم والحق هو : أن الحق قابل للاسقاط بينما الحكم غير قابل للاسقاط ، وثانيا : ان الحق يقابل بالمال بينما الحكم لا يقابل بالمال . ويمكن ان يستدل على ان تقديم فرصة الانتفاع بالمال الذي أملّكه لغيري هو حكم شرعي وليس حق ، بهذا البيان : نقول لو قلت لغيري ( أسقطت حقي في أن أنفعك بهذا المال فإنني لو قلت ذلك مئة مرة فلا يسقط حقي في ان أنفعك به بواسطة القرض ، فمن هذا نستدل على ان حقي في انتفاعك يمالي بواسطة القرض هو حكم لا حَقْ ، ولو كان حقاً لسقط هذا الحق الذي لي .
63
نام کتاب : بحوث في الفقه المعاصر نویسنده : الشيخ حسن الجواهري جلد : 1 صفحه : 63