وبعد التصريح بنفي القسم الذي يدخل في الغناء بل هو على خلاف المطلوب أدلّ . السّادس : يمكن الاستدلال على المسألة بما دلّ على جواز الحِداء للإبل فإن الظاهر أنه نوع غناء ، بناءً على تفسيره بالصوت المطرب ، وقلنا أن الطرب حالة خفة تعرض النفس لشدّة الفرح أو الحزن فإنه من أظهر مصاديقه حينئذ بل لو لا كونه مطرباً ما أفاد فائدة للإبل . نعم ، لو قلنا هو الصوت اللهوي المناسب لمجالس أهل الفسوق لم يكن من مصاديقه ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله . إلَّا إنه لا يوجد دليل على هذا الاستثناء في رواياتنا المعروفة عدا ما يحكى عن طرماح بن عُدي في مسير الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء [1] والظاهر أنه حديث مرسل . نعم ، في روايات العامة من ذلك شيء كثير من حذاء عبد الله بن رواحة عنده ( صلى الله عليه وآله ) وحذاء غلام يقال له « أنجشة » و « البراء بن مالك » ممّا يدلّ كلَّه على الجواز [2] . السّابع : ما دلّ على جواز النياحة لا سيّما ما رواه سماعة ، قال : سألته عن كسب المغنية والنائحة فكرهه [3] . فلو كانت الكراهة بمعناها المصطلح كما هو الظاهر هنا كان دليلًا على المطلوب ، ولكن السند لا يخلو عن ضعف ، هذا مضافاً إلى أنه لو فسر الغناء بالصوت المطرب كانت النياحة من مصاديقه ، لاشتمالها على الطرب بمعنى الحزن . فتلخص من جميع ما ذكرنا أن هناك روايتين معتبرتين تامتي الدلالة على
[1] مقتل الحسين لعبد الرزاق الموسوي المقرّم : ص 220 ( والصفحة 186 حديثه ) . [2] السنن للبيهقي : ج 10 ص 227 . [3] الوسائل : ج 12 ص 90 ب 17 من أبواب ما يكتسب به ح 8 .