بانتخاب الأمّة ، فالانتخاب هو الطريق الوحيد للفعلية . وقد يورد على الأوّل باستلزامه الفوضى ، ونقض الغرض ، فإن الغرض الأعلى من الحكومة هو حفظ النظام ، ولكن ثبوت الولاية الفعلية لكلّ واحد من الفقهاء مع اختلاف وجهات النظر والأفكار والسلائق ، يؤدي إلى اختلال النظام . وعلى الثّاني بأنه لم يقل به أحد ، بل استقرت سيرة المسلمين على خلافه ، وهذا ينتج الاحتمال الثالث . أقول : أمّا القول الأخير فهو أشد مخالفة لسيرة أصحابنا من الثّاني لأنا لم نسمع من أحدهم الرجوع إلى الانتخاب في إثبات ولى أمر المسلمين ، فإن الانتخاب أمر نشأ في القرون الأخيرة ، أخذ من بلاد الغرب وليس له في أخبارنا عين ولا أثر ، ولا يوجد في تاريخ الإسلام كما عرفت سابقاً ، فكيف يقال بأن الطريق الوحيد لتعيين الوالي هو هذا ؟ وأمّا مسألة « البيعة » فقد عرفت سابقاً أنها أجنبية عن مسألة الانتخاب من جهات شتى في مفهومها ونتائجها فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نبياً مرسلًا ووالياً وحاكماً بإذن الله واختياره تعالى ، وكان يطالب البيعة كراراً من أصحابه وكان ذلك للتأكيد على وفائهم له ، وطريقاً إلى بثّ روح جديدة وحركة نشيطة فيهم ، وكذلك مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . والفرق بين البيعة والانتخاب لا ينحصر بهذا ، بل بينهما فروق كثيرة من جوانب أخرى مرّ ذكرها سابقاً . نعم الانتخاب كان طريقاً وحيداً لتصدي بعض الخلفاء كالخليفة الأول لكن لا انتخاب الناس جميعاً ، ولا أهل البلد ، ولا انتخاب جميع أهل الحل والعقد ، بل انتخاب جماعة خاصّة يسمونه بالشورى عندهم ، وهم جماعة من الصحابة حضروا في السقيفة موافقون لمقاصدهم هذا هو حقيقة شوراهم وكيفية