بعدم وجود الفراغ في التشريع ، حتّى يتصدى له الفقيه أو غيره ، بل جميع ما تحتاج إليه الأمّة إلى يوم القيامة مبيّنة في الأحكام الجزئية أو القواعد الكلَّية ، والأصول الواردة في الكتاب والسنّة ، ووظيفة الفقيه استنباطها من أدلتها ، وعند عدم وصوله إلى الأحكام الواقعية يعمل بالأحكام الظاهرية المقرّرة للجاهل ، ولو لا ذلك كانت الشريعة ناقصة ومحتاجة في تكميلها إلى عقول الرجال ، معاذ الله عن ذلك . 3 - تقنين القوانين وتشريع الأحكام لا يليق إلَّا بالله ، فإنه العالم بالمصالح والمفاسد وما يحتاج إليه خلقه في الحال والمستقبل دون غيره ممّن لا إحاطة له بمصالح الأمور ومفاسدها ، نعم التقنين بمعنى تطبيق الأحكام على مصاديقها ممّا لا إشكال فيه . 4 - الإمام المعصوم ( عليه السلام ) لا يشرّع شيئاً من الأحكام لعدم خلو واقعة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الحكم ، فهو حافظ للشريعة ومنفذ لها ، وكون الفقيه كذلك معلوم بالأولوية القطعية . هذا ما هو المستفاد من الأدلَّة السابقة النقلية والعقلية . ويبقى هنا سؤال عن أخبار التفويض ونعقد له عنواناً مستقلًا ونقول : حل معضلة أخبار التفويض : وهناك روايات كثيرة فيها « الصحاح » و « الضعاف » تدلّ على أن الله فوّض الأمر إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وإلى الأوصياء من بعده ، فيقع السؤال أنه ما المراد بهذا التفويض ؟ أليس المراد منه التفويض في التشريع ؟ وقبل الورود فيها لا بدّ من بيان معاني « التفويض » من غير تعرض لحكمها تفصيلًا إلا بعد ذكر هذه الأخبار ، كي يكون الباحث على بصيرة منها ، مع حفظ الحرية في البحث ، فنقول ومنه جلّ ثناؤه التوفيق والهداية .