أيديهن في الطرف الآخر فتقع البيعة والمبايعة بها ( كما في التفاسير والتواريخ ) . وليس في كتاب الله غير هذه الآيات الثلاث بالنسبة إلى البيعة ، هذا وقد وقعت البيعة من الأنصار في أول إسلامهم في العقبة الأولى والثّانية ، ويظهر منها أنّها كانت معروفة قبل الإسلام يعرفها العرب ، ولم يكن أمراً حادثاً في الإسلام . هذا ولكن من الواضح أن البيعة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) لم تكن سبباً لولايته على الناس ، فإن الآيات القرآنية صريحة في أن الله جعله ( صلى الله عليه وآله ) ولياً على المؤمنين وأوجب طاعته بقوله : * ( أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) * و * ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) * [1] ولذا لم تكن البيعة من كلّ من يدخل الإسلام ، فالإسلام كان بالشهادتين وإظهار الإيمان بالوحدانية والنبوة لا بالبيعة . كما يظهر من التواريخ كانت البيعة تؤخذ من المسلمين أحياناً ، وتتجدد عند وقوع بعض الحوادث الهامة ثانية وثالثة ، فبيعة الناس له لم يكن من قبيل انتخابه للولاية ، بل تأكيداً للطاعة وبذل الأموال والأنفس ، وهذا أمر ظاهر لا حجاب عليه . كما أن الأمر بالنسبة إلى وصيه ( عليه السلام ) أيضاً كان كذلك ، فقد أوصى من أوّل أمره في وقعة الدار ، إلى آخر عمره الشريف بولاية علي ( عليه السلام ) وقد أمر بتبليغ ولايته الإلهية في الغدير ، وأنه إن لم يفعل فما بلغ رسالته ، فكأن أخذ البيعة له حينئذ ، تأكيداً على الطاعة ، لا من قبيل انتخابه وفعلية ولايته ممّا لا يتفوه به من كان له أدنى خبرة بأحاديث ولاية مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . ويجوز مثلها أيضاً بالنسبة إلى الفقيه بعد ما جعله ( عليه السلام ) حاكماً وقاضياً على الناس ، وأمر بالرجوع إليه في الحوادث الواقعة ، وجعل مجاري الأمور بأيديهم ، إلى غير ذلك ، فالبيعة له أيضاً تأكيد على ما أعطاه الله من المنزلة والمقام وكذا