من دون قيام الحكومة ، وكلَّها باقية عند إقامتها ، فلا وجه لدفنها ، كما لا وجه لإيداعها والوصية بها ، بل اللازم صرفها في مصارفها مهما أمكن ، والمأمور بهذا الصرف هو نائبه الخاصّ أو العامّ ، فإذا أثبتنا ولاية الفقيه مطلقاً أو في الجملة بحيث يشمل المقام كان اللازم دفعها إليه . وبالجملة كلّ من حكم بدفنه أو الإيصاء به ، أو أن الفقيه ينظر فيه كأموال الغيّب اعتبره أنه مال شخصي له كسائر أمواله الشخصية ، مع أنه ليس كذلك قطعاً ، بل هو ملك له بماله من المقام ، فلو حرم الناس من لقائه ( عليه السلام ) وتصرفه فيهم ، لم يمنع ذلك من صرف هذه الأموال العظيمة في مصارفها إن كانت الحكومة الإسلامية مبسوطة السلطة قائمة ، وإلَّا ففيما يمكن من مصارفها من نشر العلم وتبليغ الإسلام ودعم الحوزات العلمية وحفظ ضعفاء الشيعة ، وتكميل سهم الأصناف ، وغير ذلك من أشباهه ، ولا يمكن تعطيل جميع ذلك في غيبته . فالمراد من صرفه في ما يحرز به رضاه هو ذلك ، فإن رضاه يتعلق بهذه الأمور ولو كان هو ( أرواحنا فداه ) حاضراً شاهداً صرفها فيما ذكر قطعاً . والمتكفل لهذا الصرف هو الفقيه الجامع للشرائط . لا لأنه أبصر بمصارفه فقط ، لما عرفت أن مجرّد أبصريته غير كافية في إثبات المراد . ولا لأنه وليّ الغائب فإن ذلك فرع كونها أموالًا شخصية . ولا لأنه مجهول المالك ، لأن عدم القدرة على تسليم المال لمالكه مع كونه معلوماً لا يجعله بحكم مجهول المالك ، نظراً إلى اتحاد الملاك وهو عدم إمكان الوصول إليه سواء كان لعدم معرفته أو لعدم الوصول إليه ، فإن هذا الاحتمال ضعيف جدّاً لا تدلّ عليه أدلَّة حكم « مجهول المالك » . بل لأمرين آخرين أحدهما : أدلة الولاية العامّة الآتية إن شاء الله ، فإن القدر المسلَّم منها هو هذه الأمور وأشباهها .