فيصرف في كلّ أمر يحرز به رضاه ، من تعظيم الدين ، ونشر العلم وتبليغ الإسلام ، وصلة الأصناف وغيرهم من الفقراء والمحتاجين ، وغير ذلك ممّا يحرز به رضاه ( عليه السلام ) . وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أن الحقّ من بين هذه الأقوال هو الأخير ، والسرّ فيه أنه لا ينبغي الشكّ أن تشريع حكم الخُمس بالنسبة إلى حصة الإمام ( عليه السلام ) إنّما هو لإمامته الإلهية ، وكونه منصوباً للحكومة على الأمّة ، وإلَّا فسهم الإمام ( عليه السلام ) ليس مصرفاً شخصياً له لأنه كإنسان يحتاج إلى شيء يسير من هذه الأموال الضخمة ، ومن البعيد جدّاً بل من الممتنع في حكمة الحكيم أن يجعل له ما لا يحتاج إليه إلَّا شيئاً قليلًا منه جدّاً ، فإن الناس لو أدوا خُمس أموالهم في جميع أقطار الأرض بلغ سهم الإمام ( عليه السلام ) مبلغاً عظيماً لا يقدر أي إنسان على مصرفه إلَّا أن يكون على رأس الحكومة ويصرفه في مصارفها . لا أقول أن سهم الإمام ( عليه السلام ) ملك للمقام لا لشخصه ، حتّى يكون تلقي الفقيه النائب له إذا كان على رأس الحكومة تلقياً استقلالياً من غير حاجة إلى وساطة الإمام المعصوم ( عليه السلام ) ، بل أقول إنه ( عليه السلام ) مالك له بسبب كونه مبعوثاً لهذا المقام ، فلو كان حاكماً بالفعل صرفه في مصارفه الحكومية والمقامية ، ولو منعه الظالمون من ذلك صرفه فيما يمكن أن يصرفه فيه من مصارفه ، ويبيحه للشيعة أحياناً في مواقع خاصّة ، كما ورد في غير واحد من روايات الباب ، لا الإباحة المطلقة لاختلاف الأزمنة في ما يقتضيه من المصالح . وبالجملة احتمال كونه مالكاً لهذه الأموال الضخمة الكثيرة بما أنه شخص خاصّ بعيد جدّاً لا يحتمله الخبير قطعاً ، بل بما أنه سائس عام وحاكم إلهي على الأمّة . والفرق بينهما ظاهر ، ففي الأوّل يرث هذه الأموال جميع وراثه ، وفي الثّاني لا يرثه إلَّا الإمام ، الذي بعده ، كما ورد في بعض الأحاديث . ومن الواضح أن غيبته ( عليه السلام ) لا توجب نفي هذه المصارف ، بل كثير منها باقية ولو