ولا سيّما إذا كان الحاكم بمرتبة عالية من العقل والعدالة والأمانة والاهتمام بالمصالح الدينية والقدرة على تمييز الأهم والمهم منها ، فإنه حينئذ يكون أبصر بمواقعة وأعرف بمواضعه ، فيتعين الرجوع إليه في تعيين المصرف » ولكنّه مع ذلك أجاب عن كلّ ذلك ولم يقبله ، ثمّ قال : « فإذا أحرز رضاه ( عليه السلام ) بصرفه في جهة معينة جاز للمالك تولي ذلك بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي » [1] . وهذه الكلمات كما ترى في طرفي الخلاف والنقيض من اعتبار الأعلمية أو عدم اعتبار شيء حتّى الاجتهاد والعدالة . 6 - ولنتم هذه الكلمات بما أفاده المحقّق في الشرائع في كتاب الخُمس حيث قال : « ويجب أن يتولى صرف حصة الإمام ( عليه السلام ) في الموجودين ، من إليه الحكم بحقّ النيابة ، كما يتولى أداء ما يجب على الغائب » . وقال ثاني الشهيدين في المسالك في شرح هذه العبارة : « ولو تولى ذلك غيره كان ضامناً عند كلّ من أوجب صرفه إلى الأصناف » [2] . هذا شطر من كلمات الأصحاب ( رضوان الله عليهم ) في هذا الباب ، ويظهر منها أن الأقوال فيه أيضاً مختلفة ولكن الأشهر أو المشهور هو لزوم دفع سهم الإمام ( عليه السلام ) إلى الحاكم الشرعي ، وأمّا دفعه إلى الأعلم أو جواز صرفه من ناحية المالك فهو شاذ . إذا عرفت هذا فاعلم : أن هذه المسألة مبنية على أن تعلم ما الواجب في سهمه ( عليه السلام ) في عصر الغيبة ، فقد اختلفت فيه الأقوال وتضاربت تضارباً شديداً حتّى إن المحقّق النراقي حكى في المستند في كتاب الخُمس أقوالًا تسعة بالنسبة إلى سهم الإمام ( عليه السلام )
[1] المستمسك على العروة الوثقى : ج 9 ص 583 . [2] مسالك الأفهام : ج 1 ص 69 .