ولا يخفى أنه متى كان تدارك جميع الخصوصيات ممكناً لا يصل الدور إلى الرتبة الثّانية ، كما أنه لا يجوز الاقتصار على دفع المالية فيما إذا كان المثل باقياً . ومن هنا يتضح عدم صحّة القولين الأوّلين ، وذلك لعدم التحفظ على المالية فيهما كما في ردّ عين الماء إلى مالكه على شاطئ النهر والثلج في الشتاء . هذا وقد استدلّ للقول الأوّل بدليلين : 1 - إن قاعدة « على اليد ما أخذت حتّى تؤديه » إنّما تشمل العين دون المالية ، فإن المالية أمر اعتباري عقلائي ، والمأخوذ هو العين فيتحقّق الأداء بدفعها إلى مالكها إن كانت موجودة ، وإلَّا فيدفع المثل ، وعليه فلا يلزم دفع المالية . أقول : جوابه قد ظهر ممّا ذكرناه ، فإنّ العين قد أخذت بما أنها مالٌ ، فالمأخوذ إنّما هو العين الموصوفة بالمالية ، والمدار في الضمان هو المالية ، ولذا لا ضمان على الأخذ فيما إذا أخذ شيئاً من زبالة بعض البيوت لعدم ماليتها خلافاً لما إذا أخذ عيناً ذات مالية ، فإنه يجب عليه أداء العين أو المثل مع التحفظ على المالية لكي يصدق الأداء عرفاً . هذا أوّلًا . وثانياً : لو لم تكن المالية منظوراً إليها فلما ذا وجب دفع القيمة في القيمي ؟ أقول : وجوب دفع القيمة يدلّ على أن المالية إنّما أخذت بتبع العين ، فالمالية مأخوذة لكن لا مستقلًا بل بتبع العين ، ولذا قالوا : يضمن القيمي بقيمته وإلَّا لو لم تكن المالية مأخوذة لوجب عدم الضمان في القيمي فإن العين ليست بموجودة والمأخوذ ليس مثلياً والمالية غير مأخوذة فرضاً . ثمّ لا يخفى وجود الفرق بين باب الأمانة والضمان ، فلو أودع نقوداً ورقية عند واحد أمانةً ثمّ سقطت تلك النقود عن درجة الاعتبار لا شيء على الودعي إلَّا دفع نفس تلك النقود ، وذلك لأن يده أمانية ، والمفروض أنه لم يُفْرِط ولم يفرّط .