بوجود الاستئذان اعتماداً على هذه القاعدة . هذا أولًا . وثانياً : سلَّمنا عدم كون القاعدة مثبتة للحكم ، لكنّه لا يضرّ بالمقصود ، لأنه إذا كان أداء الدين بالثلج في الشتاء وبالماء على شاطئ النهر وبالأوراق الباطلة منفياً بهذه القاعدة ، فلا شكّ في بقاء الدين على حاله واشتغال ذمّة المديون ، به فيجب عليه أداؤه ، ومن الواضح أنه لا يتحقق الأداء إلَّا بدفع الأوراق المعتبرة . رابعاً : أن للزمان والمكان دخلًا في مالية بعض الأشياء ، فالثلج مثلًا يشترى ويباع في الصيف ، بينما لا مالية له في الشتاء ، بل يبذل المال بإزاء إزاحته عن سطوح المنازل ، كما أن الماء يبذل بإزائه ثمن غال في صحراء قاحلة بينما لا قيمة له على شاطئ النهر . أضف إلى ذلك كلَّه أن هناك بعض الأشياء تقوم قيمتها بالاعتبار ولا دخل لغير الاعتبار فيها ، ومنها الأوراق المالية ولا شكّ أن المالية هي عمود الرئيسي في المعاملات ، وإن كان لغيرها أحياناً تأثير في المعاملة كالعينية والمثلية ونظائرها لكن مدار المالية في النقود الورقية إنّما هو المالية ليس إلَّا وعليه إن استقرض شخص من آخر ورقاً باللون الأخضر لم يجب عليه دفع ورق بذاك اللون إلى الدائن ، بل يجب عليه أن يدفع ما يساوي ماليته من النقود الورقية بأيّ لون كانت . هذا وقد أُجيب عمّا ذكرناه بجوابين : نقضي وحلَّي : أمّا الجواب النقضي : فهو أنه بناءً على ما ذهبتم إليه من اعتبار تساوي المالية بين القرض والأداء ، لوجب القول بعدم تحقّق الأداء عند حصول التفاوت اليسير ، فمثلًا إذا استقرض أمس شيئاً من الثلج وأراد أن يدفع إلى الدائن مثله في هذا اليوم مع أن قيمة الثلج قد نزلت قليلًا بسبب برودة الهواء ، لوجب على المديون مضافاً إلى دفع مثل الثلج ، أن يدفع تفاوت القيمة بين الثلج في هذا