آخر شيئاً من الثلج في الصيف جاز له أن يدفع إليه مثل ذاك الثلج في الشتاء ، وكذا إذا أخذ منه شيئاً من الماء في الصحراء فإنه جاز له أن يدفع إليه مثل ذلك الماء على شاطئ النهر ، فكما أن الزمان في مثال الثلج والمكان في مثال الماء أوجبا سقوطهما عن المالية كذلك فيما نحن فيه ، فإنّ الحكومة أوجبت سقوط الأوراق عن المالية ، وكما يجوز أداء الدين بهما في المثالين ، كذلك يجوز أداء الدين بالأوراق الساقطة في ما نحن فيه . والسرّ في جميع ذلك كفاية أداء المثل فيما إذا كان الدين مثلياً . أقول : هذا القول يحمل في طياته العجب وترد عليه الإيرادات التالية : أوّلًا : أن العقلاء لا يرون الأداء في شيء من هذه الموارد ، أداءً واقعياً للدين ، وقد عرفت أن الأداء أمرٌ عرفي ، وتشخيص ، تحقّقه وعدمه موكول إليهم ، فكيف يصحّ تخطئة قولهم فيما أرجع إليهم الشارع ؟ ! ثانياً : أن معيار المثلية في النقود الورقية إنّما هو ميزان المالية والاعتبار لا الشكل الظاهر ، فلا مثلية بين الأوراق المعتبرة والأوراق الساقطة عن الاعتبار ، وعليه فلا يجزي أداء الدين بالأوراق الباطلة . ثالثاً : سلَّمنا تحقّق أداء الدين في الأمثلة الثّلاثة لكنّه مع ذلك لا يجزي لكونه موجباً للضرر المنفي . وبعبارة أخرى دقيقة : يقع التعارض في هذه الموارد بين قاعدة على اليد وقاعدة لا ضرر ، ومن الواضح رجحان قاعدة لا ضرر على قاعدة على اليد . لا يقال : إن قاعدة لا ضرر هي نافية للأحكام الضررية ، ولا تثبت حكماً آخر مكانها ، فلا يمكن أن يثبت بها وجوب دفع الأوراق المعتبرة على المديون . فإنه يقال : قد عرفت منّا آنفاً أن هذه القاعدة مثبتة للحكم كما تكون نافية للأحكام الضررية ، والشاهد على ذلك إلزام النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) لسمرة بن جندب