( ولا يخفى أنّه حيث إنّ إخلاف الثمن عند الثقات للذبح في مكَّة في الوقت الراهن أمر غير ممكن إلَّا في عدد يسير وبالنسبة إلى قليل من الناس - مع أنّ الحكم عامّ للجميع - لا يمكن الأخذ بهذا في مسألتنا ) . نعم لو أمكن في المستقبل نقل اللحوم بتمامها أو غالبها ( لا بعضها اليسير ) إلى خارج مني أو مكَّة أو خارج الحجاز بتجفيف اللحوم أو استخدام إحدى الوسائل الحديثة لصيانتها ، ثمّ صرفها للمستحقّين ففي هذا الحال يجب الذبح في منى أو قريب منه على الاحتياط الوجوبي . سابعاً : عمدة الأدلَّة التي تشهد على ما ذكرنا هي ما يلي : 1 - عدم وجود دليل على صحّة الأضاحي التي لا تصرف لحومها . 2 - ما يستفاد من ظاهر الآيات والروايات من أنّ صرف لحومها في مصارفها من مقوّمات الهدي . 3 - جميع المذابح الموجودة حالياً ليست في منى . 4 - حرمة الإسراف والتبذير خصوصاً في هذا المقياس العظيم وعدم وجود دليل على جواز مثل هذا الإسراف ، بل تبذير الذي هو أشدّ عقوبة من الإسراف . وفي خاتمة هذا البحث بقي سؤالان لا بدّ من الالتفات إليهما : الأوّل : هو أنّ الأضحية في منى من مناسك الحج إحدى شعائر الإسلام ، وحذفها من هذه الشعائر الكبيرة يقلَّل من عظمته وخاصّة إذا صدر هذا الأمر من فئة خاصة حيث يثير علامات استفهام بين المخالفين . وفي الجواب على هذا السؤال ينبغي الالتفات إلى أمرين : 1 - إنّ الأضحية بشكلها الفعلي - التي تتحول إلى ركام هائل من اللحوم المتعفنة التي لا بدّ من دفنها وإحراقها لضمان سلامة الحجاج من الأمراض والمشاكل المتولدة من ذلك - أيضاً تثير علامات استفهام حول شعائر الإسلام في كل سنة بين المسلمين