وهذا الاختلاف بما أنه اختلاف في تشخيص الموضوع يوجب بالتالي اختلافاً في تعيين الحكم كما أنّ بعض الأشياء تباع في بعض البلاد بالعدد في حين تباع في بلاد أخرى بالوزن ، ولذا يأتي فيه الربا في الثّاني دون الأوّل ، فإنه لا ربا في العدد . فتلخص أنه يجب عند انخفاض مالية الأوراق المالية ( أو ارتفاعها في الموارد النادرة ) احتساب القوّة الشرائية الموجودة في النقود بالذهب أو الفضة لتأدية الديون . لكن إذا كانت قيمة الذهب والفضة متفاوتة يجب ملاحظة الأقل قيمة ، فإنّ المقام من باب الدوران بين الأقل والأكثر واشتغال الذمّة بالأقل يقيني ، بينما اشتمالها بالأكثر مشكوك فتجري فيه البراءة ، وعلى أية حال لا إشكال في عدم الاجتزاء بالمقدار الاسمي المكتوب على الأوراق المالية عند تغيير ماليتها تغييراً معتنى به عند العرف العام . وإن أبيت عمّا ذكرناه وحققناه فلا أقل من كونه موافقاً للاحتياط في أموال المسلمين فيلزم العمل به احتياطاً وجوبياً أو المصالحة بين الدائن والمديون . وهناك دليل آخر يمكن الاستدلال به على المطلوب ، وهو القاعدة المعروفة ب - « لا ضرر » ، فإن مقتضاها انتفاء كلّ حكم يوجب ضرراً ، ومن الواضح أن عدم الاعتناء بتغيير مالية النقود فيما إذا كانت كثيرة يوجب ضرراً على الدائن فيكون منفياً بلا ضرر . إن قلت : إن هذه القاعدة إنّما تنفي الأحكام الضررية ، لكنّها لا تثبت أحكاماً أخرى مقامها ، فهي تنفي الوضوء والغسل الضرريين أو الأداء الموجب لضرر الدائن ، لكنّها لا توجب على المديون أداء ما يوازن مقدار الديْن في ماليتها . قلنا : أولًا لا نسلَّم عدم كون « لا ضرر » مثبتاً للحكم ، بل إن هذه القاعدة تثبت