البنك الخسارة من دون احتسابها من رأس المال ، فالبنك يتحمّل الخسارة بعنوان كونه عاملًا ، ولا يتحمّلها صاحب المال . أقول : وهذا الإشكال قوي ، سيّما مع ملاحظة ما ورد في الرواية المعتبرة التي ظاهرها أنّه لو اشترط كون الخسارة على العامل لم تكن مضاربة بل كانت قرضاً ، ولكن صرّح في العروة الوثقى [1] بجواز ذلك في المضاربة لعدم كون هذا الشرط - أي كون الخسارة على العامل - مخالفاً لمقتضى العقد ، نعم هو مخالف لإطلاق العقد فلذا لا مانع منه ، نظير اللزوم فإنّه مقتضى إطلاق عقد البيع ، ومعه يصحّ جعل الخيار فيه . صحيح أنّ طبع المضاربة الأوّلى كون الخسارة على رأس المال ، لكن يجوز العدول عنه بالشرط ، كما أنّ طبع البيع الأوّلي يقتضي اللزوم مع أنّه يجوز لكلّ من الطرفين جعل الخيار فيه . والذي يهوّن الخطب هو أنّ الخسارة في الغالب لا تكون على البنك - العامل في المقام - لأنّه يفرّق أمواله في ضروب مختلفة من المعاملات بحيث إذا خسر بعضها لم يخسر البعض الآخر منها لدقّته في هذا الأمر بحيث يطمئنّ إلى كونه مفيداً له وللمضارب ، فلا توجد خسارة في البين ليبحث عن المتحمّل لها . هذا مضافاً إلى أنّ كون الخسارة على العامل يخالف إطلاق العقد لا مقتضاه ، والشرط الباطل هو ما يخالف مقتضى العقد دون إطلاقه . والحاصل : أنّ ذكر الشرط - وهو كون الخسارة على العامل - يوجب فساد المضاربة وصيرورتها قرضاً ، فلا يستحقّ صاحب المال شيئاً . نعم ، لو لم يرَ صاحب المال نفسه في جميع ذلك مستحقّاً للربح وكان يعلم بأنّ البنك يضيف إلى ماله ربحاً - استحقّ أو لم يستحقّ - جاز له أخذ الربح لعدم كون هذا الربح في مقتضى العقد
[1] العروة الوثقى : ج 2 ص 431 ، كتاب المضاربة ، م 4 ، تحقيق ونشر مدينة العلم .