البنك في المقام . 5 - ويحتمل أيضاً أن تكون حقيقة الحساب الجاري هي القرض الذي يؤول أمره إلى التمليك في مقابل العوض في الذمّة ، وعليه فلا يحقّ للمالك أن يأخذ عين ماله من البنك مع وجوده لانتقاله إلى الذمّة ، فليس هو إلَّا مالكاً لما في الذمّة ، كما هو الحال في سائر الديون ، ويجوز للبنك جميع التصرّفات الناقلة لحصول الملكية له . ثمّ إنّه ليس لهذا القرض أجل معيّن ، بل هو دين يجب على المستقرض - البنك - أداء عوضه إلى المقرض عند المطالبة به ، وهذا هو الموافق لأحكام الإيداع وما يترتّب عليه في عرف العقلاء ، ولا يرد عليه إشكال . إن قلت : إنّ هذا البيان - التعبير بالقرض - وإن كان لا يواجه إشكالًا من جهة الآثار المترتّبة على الحساب الجاري إلَّا أنّه لا يوافق قصد المودع ماله لدى البنك ، فإنّه لا يقصد القرض ولا يراه عرف العقلاء أنّه كذلك . قلنا : نعم هو كذلك ، لكن حيث إنّ القرض لا يكون غالباً إلَّا فيما إذا احتاج إليه المستقرض لم يكن يتبادر القرض لا يكون غالباً إلَّا فيما إذا احتاج إليه المستقرض لم يكن يتبادر القرض إلى أذهان العقلاء عند الإيداع لدى البنك لعدم كون البنك محتاجاً إلى هذه الأموال ، لكن الحقّ أنّ الحاجة وإن كانت وصفاً غالباً في القروض - لإمكان أن يكون المستقرض غنيّاً - إلَّا أنّها لم تؤخذ في ماهية القرض ومعناه ، وإنّما حقيقة القرض هي تمليك العين بالمثل أو القيمة في الذمّة . والحاصل : أنّ الحساب الجاري من قبيل التمليك في مقابل العوض في الذمّة سواء أطلق عليه القرض أم لا ، وهذا هو المنطبق على الإيداع في عرف العقلاء ، لأنّه تمليك للمال بالمثل ، إذ بمجرّد أخذ الودعي المال يكون مالكاً ، وليس للمالك المطالبة بعينه ، وليس له إلَّا العوض في الذمّة .