في ذلك . الثالث : في حكم الدية في المقام : وتفصيل الكلام فيه : أنّه إن أخذ من الحيّ برضاه فلا دية ، وهو ظاهر لعدم شمول إطلاقات أدلَّة الدية لمثله ، مضافاً إلى كونه أولى من مسألة براءة الطبيب إذا أخذ البراءة من المريض مع كون المسألة منصوصاً عليها . والقول بأنّه من قبيل إسقاط ما لم يجب ، كالاجتهاد في مقابل النصّ وقد ذكرنا في محلَّه أنّ إسقاط ما لم يجب جائز إذا حصل مقتضيه وإن لم تحصل علَّته التامّة ، كما إذا أسقطت الزوجة حقّها في القسم قبل دخول الليل . وإن أخذ من الحربي فعدم الدية أظهر ، ولو من جسده . وأمّا إذا أخذ من جسد المسلم برضاه في حال حياته أو وصيّته به فالظاهر عدم الدية أيضاً لأنّ الحقّ له وقد أجازه . يبقى الكلام فيما إذا لم يوصِ بشيء ووجب أخذ العضو من جسده بحكم الشارع المقدس ، فيأتي فيه ما سبق - في مسألة التشريح - من أنّ الدية إنّما هي للجناية الفعلية أو الحكمية ، وحيث إنّ الزرع هنا بحكم الشارع المقدّس مقدّمة للواجب أو شبهها فلا جناية ولا دية . ولكن فرق بين المقام وبين مسألة التشريح لأنّ نفي الدية لا يوجب نفي المالية ، والضمان فيه من باب الإتلاف ، فيكون المقام من قبيل الأكل في المخمصة ، فلو اضطرّ إنسان إلى الأكل من مال الغير - كما في عام المجاعة وشبهه - جاز له ذلك ، لكنّه ضامن لمثله أو قيمته ، وهكذا فيما نحن فيه ، فإنّه اضطر إلى أخذ العين أو بعض أجزائها - مثلًا - من جسد الميّت المسلم ، فهو وإن لم يكن ملزماً بأداء الدية لكنّه ملزم بأداء القيمة من باب كونه تصرّفاً في مال الغير وأنّه انتفع به ، لكن جوازه لا يدلّ على عدم ضمانه القيمة .