تولَّده منها ، أو ماتت الأمّ وأمكن إخراج الجنين حيّاً من بطنها بسرعة ، أو مات الجنين سقطاً وبقيت الأمّ سالمة فما ذلك إلَّا بقضاء الله تعالى وقدره لعلمه بمصالح العباد . ولعلّ فرض دوران الأمر بين حياة الأمّ وحياة الجنين فرض نادر لدوران الأمر في الغالب بين موتهما معاً وموت الجنين فقط ، وذلك لأنّه إذا بقي في بطن أمّه أدّى إلى قتلها ثمّ موته بعدها لارتباط حياته بحياتها ، وحينئذ لا يبعد جواز إسقاطه لدوران الأمر بين موت نفسين وموت نفس واحدة ، فبإسقاطه تبقى الأم على قيد الحياة ، وهذا بخلاف ما إذا علم ببقاء أحدهما وموت الآخر ، فإنّ ترجيح أحد النفسين على النفس الأخرى يكون حينئذ أمراً مشكلًا ، اللَّهمّ إلَّا أن يستدلّ للترجيح بما مرّ من مسألة اختصاص القود بقتل أحدهما دون الآخر ، فتدبّر . الخامسة - العلم بتولَّده ناقصاً بعد ولوج الروح : إذا علم علماً قطعيّاً أو ظنّياً يطمأنّ به بأنّ الجنين سيولد ناقصاً بعد ولوج الروح فيه ، وليس في بقائه ضرر أو خطر على الأمّ ، فهل يجوز إسقاطه ؟ فيه وجهان : الوجه الأول : القول بعدم الجواز لصدق عنوان الإنسان الحيّ عليه ، فإنّه ما لا يجوز قتل ناقص الخلقة - كالمجنون أو المصاب بقطع بعض أعضاء بدنه من نخاع وغيره - بعد ولادته كذلك لا يجوز قبلها بعد ولوج الروح وكونه إنساناً كاملًا لشمول إطلاقات حرمة قتل المؤمن لمثل المجانين والأطفال من غير فرق بينهم ، ولا اختصاص لها بالإنسان السوي العاقل ، وكذا شمول عمومات حرمة قتل الجنين وما يترتّب عليه من الدية . إن قلت : تقدّم فيما سبق عدم القود في قتل الجنين ، وأنّ الحكم فيه هو الدية خاصّة . قلنا : ليس الكلام فعلًا في القصاص والقود ، بل الكلام في الحرمة التكليفية وما