وامتحاناً له ولأبويه مدى العمر ، والمفروض أنّه لم تلجه الروح ولم يصوّر على صورة الإنسان الكامل ، فلا يبعد جواز الإسقاط حينئذ لإمكان دعوى انصراف أدلَّة حرمة الإسقاط عن مثل هذه الصورة التي لا يكون الإسقاط فيها جائزاً لمجرّد الإشفاق على الجنين فحسب ، بل لما في ذلك من الحرج الشديد على والديه والمجتمع . وقد عرفت أنّ عمدة ما يدلّ عليه هو الملازمة بين وجوب الدية - على فرض الإسقاط - وحرمته تكليفاً ، وثبوت الدية في هذا الفرض أوّل الكلام ، فتأمّل . ثمّ إنّ القول بجوازه منوط بتحقّق العلم أو الظنّ المتاخم له المورث للاطمئنان ، وإلَّا فلا يجوز بمجرّد الاحتمال . الرابعة - الخوف على الأمّ بعد ولوج الروح : إذا كان الجنين كاملًا وقد ولجته الروح ولم يعلم بنقص فيه على الأقل وخيف على حياة أمّه ، فهل يجوز جعل الجنين فداءً لأمّه فيما إذا دار الأمر بينه وبينها ؟ الإنصاف أنّه أمر مشكل ، لعدم الفرق بين النفسين من حيث كون كلّ منهما نفساً محترمة مؤمنة أو ملحقة في الحكم بها ، فهما من هذه الجهة سواء ، لا يجوز قتل أحدهما لحفظ حياة الآخر . اللَّهمّ إلَّا أن يقال : إنّ ثبوت القصاص في أحدهما دون الآخر دليل رجحان حفظ حياة الأمّ على الجنين وإن تساويا من حيث النفس الإنسانية ومن حيث الدية ، فإذا دار الأمر بين حفظ حياة الأمّ وحياة الجنين جاز تقديم حياة الأم على الجنين . ثمّ إنّ في الدية ما تقدّم من ثبوتها في فرض وقوع الجناية المحرّمة لا ما إذا كان مباحاً بإذن الشارع المقدّس ، فمن البعيد جدّاً ترتّب الدية عليه حينئذ . هذا فيما إذا قلنا بجواز الإسقاط بالبيان المتقدّم . وأمّا إن قلنا بالحرمة ، فالواجب تركهما على حالهما حتّى يقضي الله بينهما ، فإن ماتت الأمّ وبقي الجنين حيّاً بمجرّد