ذلك إن شاء الله . وقد يؤيد ذلك كلَّه بما ورد في بعض الكلمات القصار لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) - بعد أن سئل عن قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « غيّروا الشيب ولا تشبَّهوا باليهود » - قال : « إنّما قال ( صلى الله عليه وآله ) والدِّين قُلٌّ ، فأما الآن وقد اتسع نطاقه وضرَب بِجِرانه فامرؤٌ وما اختار » [1] ، وللكلام صلة . ولا ينحصر الكلام بهذه المسائل الخمس ، بل المراد توضيح أنّ المفتاح الأصلي الوحيد لحلّ قسم كبير من المسائل المستحدثة هو هذا المعنى أي تبدّل الحكم بتبدّل الموضوعات عرفاً . وعصارة الكلام : أنّ الأحكام المأخوذة من الشارع المقدّس ثابتة لا تتغيّر مدى القرون والأعصار ولا تتبدّل بحسب اختلاف الأمكنة والأمصار ، فالحلال حلال دائماً والحرام حرام كذلك ، ولكن الموضوعات العرفية متغيرة دائماً ، فكلَّما تغيّر الموضوع تغيّر الحكم ، حيث إنّ الموضوع كثيراً ما يكون متأثّراً بالزمان والمكان ، فإذا تغيّر الزمان والمكان تغيّر الموضوع فيتغيّر الحكم تبعاً له . وتغيّر الموضوع على أقسام مختلفة : تارة يكون بتبدّل الماهية كما في الكلب الواقع في المملحة ، وأخرى بتبدّل أوصافه الخارجية كتبدّل الدم من جسم الإنسان إلى البقّ ، وثالثة بتبدّل الأمور الاعتبارية كتبدّل المالية . وهذا هو المراد من تأثير الزمان والمكان في الاجتهاد . ثالثها : هو أنّ تبدّل الزمان والمكان قد يكون سبباً لتنبّه الفقيه إلى مسائل جديدة وانشراح فكره وصدره ، فيلتفت إلى أمور لم يكن متنبهاً لها في السابق ، سيّما بعد قيام الحكومة الإسلامية ، ولكن لا بمعنى أنّه إذا كان خارجاً عن هذه الدائرة كانت
[1] شرح نهج البلاغة ( ابن أبي الحديد ) : ج 18 ص 122 .