أضف إلى ذلك أنّه كيف يمكن التحلَّل ؟ إذا كان بأمر مالي فكيف يمكن هذا ؟ أو بأمر آخر فما هو ذاك ؟ والحاصل أنّه لا ينبغي الشكّ في عدم عدّ هذا من حقوق الناس وعدم الفتوى به من أحد ، والله العالم . وأمّا مسألة السرقة ، فهل هي من حقّ الله تعالى ؟ أو من حقّ الناس ؟ أو فيها شائبة الأمرين ؟ ولا بدّ من ملاحظة كلمات الفقهاء الأعلام أوّلًا . قال في السرائر : « الحقوق على ثلاثة أضرب : حقّ لله محضٌ ، وحقّ لآدمي محضٌ ، وحقّ لله ويتعلَّق بحقّ الآدميين ، فأمّا حقوق الله المحضة فكحدّ الزنا والشرب ، فإنّه يقيمه الإمام من غير مطالبة آدمي . فأمّا حقوق الآدميين المحضة المختصة بهم ، فلا يطالب بها الإمام إلَّا بعد مطالبتهم إيّاه باستيفائها . فأمّا الحقّ الذي لله ويتعلَّق به حقّ الآدمي فلا يطالب به أيضاً ولا يستوفيه إلَّا بعد المطالبة من الآدمي ، وهو حدّ السارق ، فمتى لم يرفعه إليه ويطالب بماله لا يجوز للحاكم إقامة الحدّ عليه بالقطع ، فعلى هذا التحرير إذا قامت عليه البيّنة بأنّه سرق نصاباً من حرز لغائب ، وليس للغائب وكيلٌ يطالب بذلك ، لم يقطع ، حتّى يحضر الغائب ويطالب . فأمّا إذا قامت عليه البيّنة أو أقرّ بأنّه قد زنى بأمة غائب فإنّ الحاكم يقيم عليه الحدّ ولا ينتظر مطالبة آدمي ، لأنّه الحقّ لله تعالى محضاً » [1] . فيظهر من كلامه أنّ السرقة ممّا يكون فيه جهتان ، وحيث إنّ النتيجة تابعةٌ للمقيّد بالقيد فيكون إجراء الحدّ فيه منوط بمطالبة صاحب المال ، بل ادّعى في الجواهر أنّ
[1] سلسلة الينابيع الفقهية : كتاب الحدود ج 23 ص 262 .