أن تكون من قبيل المبادئ القريبة من الحسّ التي يحصل القطع منها لكلّ أحد رآها غالباً . والذي يسهّل الخطب في هذه الموارد أنّ القاضي كثيراً ، ما يأخذ الإقرار من المتّهم من هذه الطرق أعني كثيراً ما يقرّ المتّهم على نفسه بالجرم عند مواجهته بهذه القرائن كما حكي عن بعض قضايا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . ولا بدّ أن يكون القضاة خبراء بهذه الأمور ، يستكشفون الحقائق من طرقها ، وبعد العلم الحاصل من المبادي الحدسيّة لا يقنعون به ولا بما هو ظاهرٌ في بادئ الأمر ، فقد يكون المتهم من إخوان الشياطين ويظهر الباطل في لباس الحقّ ، والحقّ في لباس الباطل ، فيجتهدون لكشف الحال وتطبيقه على الموازين الشرعية . ولهذا نرى بعض القضاة في عصر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كانوا يحكمون بما يبدو لهم في بادئ الأمر وكان ( عليه السلام ) - كما في روايات أبواب القضاء - يردّهم عن قضائهم بما يظهر له عند الفحص والتدقيق وكشف الحال بقوّة الابتكار . الرابعة : قد مرّت الإشارة إلى أنّ إحقاق حقوق الناس يتوقّف على مطالبة صاحب الحقّ ، ونزيدك علماً هنا ليكمل شرح ما ذكره ( قدس سره ) في تحرير الوسيلة في ذيل المسألة بقوله : ولا يتوقّف ( أي إقامة حدود الله ) على مطالبة أحد ، وأمّا حقوق الناس فتتوقّف إقامتها على المطالبة حدّاً كان أو تعزيراً ، فمع المطالبة له العلم بعلمه . أقول : هذه المسألة معروفةٌ بين الأصحاب ، بل قد ادّعى عدم الخلاف فيها وقد أوردها في الجواهر تبعاً للشرائع في المسألة الخامسة من المسائل العشر التي أوردها في ذيل أحكام حدّ الزنا [1] .